كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

282 - حدثني محمد، قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الضرير، قال: كان موسى الخياط يبكي, حتى يتقطع صوته وتسترخي.... فيسقط, وكان ينوح على نفسه في بكائه, ويقول: أبكي والله قبل طول البكاء، أبكي والله قبل محل الشقاء، أبكي والله قبل....
283 - حدثني محمد، قال: حدثني خالد بن خداش، قال: حدثني إبراهيم بن محمد، جليس لموسى الخياط قال: كان موسى بن سعيد الخياط يبكي وينوح على نفسه، ويقول في تعديده:
سجوني وسدوني وفي لحدي فدلوني... ألبست قباطيا أبليها وتبليني
ويبكي. فلما رآني سكت.
284 - حدثني محمد، قال: حدثنا مالك بن ضيغم، قال: حدثني الحكم بن نوح، قال: بكى أبوك ليلة من أول الليل إلى آخره، لم يسجد فيها سجدة، ولم يركع فيها ركعة، ونحن معه في البحر, فلما أصبحنا قلت: يا أبا مالك لقد طالت ليلتك لا مصليا ولا داعيا؟ فبكى, ثم قال: لو يعلم الخلائق ماذا يستقبلون غدا ما لذوا بعيش أبدا، إني والله لما رأيت الليل وهوله, وشدة سواده، ذكرت به الموقف, وشدة الأمر هناك، وكل امرئ يومئذ تهمه نفسه، لا يغني والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا, قال: ثم شهق، فلم يزل يضطرب ما شاء الله, ثم هدأ, قال الحكم: فحمل علي أصحابنا في المركب, وقالوا: أنت تعلم أنه لا يحتمل الذكر، فما تهيجه, قال: فكنت بعد لا أكاد أذكر له شيئا لا يسألني عنه.
285 - حدثني محمد، قال: حدثني عبيد الله بن محمد التيمي، قال: حدثنا سلمة بن سعيد، قال: رئي للعلاء بن زياد أنه من أهل الجنة: فمكث ثلاثا لا ترقأ له دمعة، ولا يكتحل بنوم، ولا يذوق طعاما, فأتاه الحسن فقال: أي أخي, أتقتل نفسك أن بشرت بالجنة؟ فازداد بكاء على بكائه, فلم يفارقه الحسن حتى أمسى؛ وكان صائما، فطعم شيئا.

الصفحة 170