كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

296 - حدثني محمد بن الحارث الخراز، قال: حدثنا سيار، قال: حدثنا جعفر، قال: حدثنا مطر الوراق، قال: بات هرم بن حيان عند حممة، فبات حممة باكيا, حتى أصبح, فلما أصبح, قال له هرم: يا أخي, ما أبكاك الليلة؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تناثر الكواكب, قال: وبات حممة عند هرم ليلة أخرى، فبات هرم بن حيان باكيا, حتى أصبح, فلما أصبح, قال له حممة: يا أخي, ما أبكاك الليلة؟ قال: يا أخي ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور للمحشر إلى الله, وكانا إذا أصبحا غدوا, فمرا بأكورة الحدادين كيف ينفخ عليها، فيقعدان، ويبكيان، ويستجيران الله من النار, ثم يأتيان أصحاب الرياحين، فيقفان، فيسألان الله الجنة, ثم يدعوان بدعوات، ويفترقان.
297 - حدثنا المثنى بن معاذ بن معاذ، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا عاصم الرقاشي، قال: انطلق غزوان, وحممة إلى عامر بن عبد الله، فوجداه مغلقا عليه بابه، فسمعاه يبكي, فجلسا ببابه يبكيان لبكائه, ثم أذن لهما، فرأى أثر البكاء على وجوههما، فقال: ما أبكاكما؟ قالا: سمعناك تبكي, فبكينا لبكائك, قال: أخبركما ما أبكاني, إني ذكرت الليلة التي صبيحتها يوم القيامة، فقلت: إنها لتمخض بأمر عظيم.
298 - حدثنا محمد بن أبي بلال، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن مالك بن مغول، قال: مر رجل بعامر بن عبد قيس وهو جالس في طريق, وهو يبكي، فقال: يا عامر, ما يبكيك؟ قال: شيء ما أبكاني، عجبت من ليلة تمخض صبيحتها يوم القيامة, وكان إذا أصبح خرج إلى طريق من الطرق، فإذا رأى الناس قد خرجوا إلى حوائجهم، والناس يذهبون يمينا وشمالا، فيقول: يا رب, غدا الغادون في حوائجهم، وغدوت أسألك المغفرة.

الصفحة 173