كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

352 - حدثني محمد، قال: حدثني يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا عمار بن كلثوم اليماني، عن أبيه، عن وهب بن منبه، قال: كان لداود حشية محشوة بالرماد, يصلي عليها، فكان يسجد، فيبكي, حتى يبتل موضع سجوده, ثم تغلبه الدموع، فتجري حتى تبتل الحشية من تحته, وكان ينادي في سجوده: قرح الجبين، وجفت الدمعة، وخطيئتي لم تغفر, فقيل له: يا داود, أظمآن فتسقى؟ أجائع فتطعم؟ أعار فتكسى؟ قال: فازداد بكاء على بكائه، وأخذ في الأنين عند منقطع النحيب, قال: فعند ذلك رحم، فغفر له.
353 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، وغيره، عن سيار بن حاتم، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت: أن داود حشا سبعة فرش بالرماد، ثم بكى, حتى أنفذ بها دموعه.
354 - وحدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا عبد الله بن خالد، عن عمر بن ذر (1)، عن أبيه قال: لما تاب الله على داود، جعل يوما لقضائه، ويوما لنسائه، ويوما لبكائه, وأمر بفرش مسوح, فقطعت وحشيت له بالرماد، وكتب خطيئته في كفه لئلا ينساها, فكان إذا استسقى فأخذ.... فنظر إلى خطيئته بكى, حتى يملأ إناءه, وخلط طعامه بالرماد، فكان يجلس يوم بكائه على فرشه، وينزل إليه أربعة آلاف عابد يبكون معه، فكان يبكي حتى يبل فراشه، وتصل دموعه إلى الأرض تحت فرشه.
_حاشية__________
(1) في طبعة دار أطلس: "عمرو بن ذر" مصحفا, والمثبت من طبعة دار ابن حزم.

الصفحة 188