كتاب الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

388 - حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثنا موسى بن عيسى، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عبيد بن عمير قال: كان داود يردد صوته إذا قرأ، يريد بذلك أن يَبْكِي وَيُبَكِّي.
389 - حدثني محمد، قال: حدثني عمر بن حفص العدني، قال: حدثنا أصحابنا الصنعانيون، عن وهب, قال: لما أصاب داود الخطيئة، جعل يخرج إلى البراري, فيبكي وتبكي الوحوش معه, ثم يرجع إلى بني إسرائيل، فيبكي، فيبكون معه، ثم يرجع إلى أهله، فيبكي، ويبكون معه, فلما طال ذلك عليه، لا يرجع إليه بشيء، خر ساجدا، فبكى, حتى نبت البقل من دموعه, ثم نحب، فهاج العود، فاحترق من زفيره، فنودي: يا داود, أمظلوم فتنصر؟ أعار فتكسى؟ أظمآن فتسقى؟ أجائع فتطعم؟ قال: لا، ولكن أوبقتني خطيئتي, قال: فلم يرجع إليه بشيء, فجعل يئن في سجوده عند آخر بكائه، ثم انقطع صوته، فكان لا يسمع له إلا شبه الأنين الخفي، قال: فعند ذلك رحم.
390 - حدثني محمد، قال: حدثني الصلت بن حكيم، قال: حدثنا عامر بن يساف، عن رجل من أهل مكة، عن وهب بن منبه قال: لم يزل داود يبكي حتى أوت له الوحش، وعكفت عليه الطير، فعند ذلك نادى: إلهي قد ضاقت علي الأرض برحبها من عظم ما أتيت إلى نفسي, إلهي قد قرح الجبين، وحني الصلب، وغاضت الدموع، وخطيئتي لم تغفر لي, قال: فجعل ينوح على هذا ونحوه, قال: فعند ذلك رحم.
391 - حدثني محمد، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن عبد ربه, صاحب الحرير، عن بكر بن عبد الله المزني قال: مكث داود أربعين يوما ساجدا, يبكي على خطيئته، حتى نبت البقل من دموعه, ثم زفر زفرة فهاج العود, قال: فنودي: أظمآن فتسقى؟ أجائع فتطعم؟ أعار فتكسى؟ قال: فلم يرجع إليه بشيء, فازداد بكاء حتى انقطع صوته، فكان لا يسمع له إلا كهيئة الأنين, فعند ذلك غفر له.

الصفحة 196