كتاب الشكر لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

27 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صُدْرَانَ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: قَيِّدُوا نِعَمَ اللهِ بِشُكْرِ اللهِ.
28 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُبْتَلَى فَأَصْبِرَ.
29 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: رَأَى وُهَيْبٌ قَوْمًا يَضْحَكُونَ يَوْمَ الْفِطْرِ, فَقَالَ: إِنْ كَانَ هَؤُلاَءِ تُقُبِّلَ مِنْهُمْ صِيَامُهُمْ, فَمَا هَذَا فِعْلُ الشَّاكِرِينَ، وَإِنْ كَانَ هَؤُلاَءِ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُمْ صِيَامُهُمْ, فَمَا هَذَا فِعْلُ الْخَائِفِينَ.
30 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ, كَاتَبَ اللَّيْثِ يَذْكُرُ عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، أَنَّهُ وَعَظَ فَقَالَ فِي مَوْعِظَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، تَقَوَّوْا بِهَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَصْبَحْتُمْ فِيهَا عَلَى الْهَرَبِ مِنْ نَارِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُوقَدَةِ، الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ، فَإِنَّكُمْ فِي دَارٍ الثِّوَاءُ فِيهَا قَلِيلٌ، وَأَنْتُمْ مُؤَجَّلُونَ خَلاَئِفَ بَعْدَ الْقُرُونِ الَّذِينَ اسْتَقْبَلُوا مِنَ الدُّنْيَا آنَقهَا وَزَهْرَتَهَا، فَهُمْ كَانُوا أَطْوَلَ مِنْكُمْ أَعْمَارًا، وَأَمَدَّ أَجْسَامًا، وَأَعْظَمَ آثَارًا، فَجَرَّدُوا الْجِبَالَ، وَجَابُوا الصُّخُورَ، وَنَقَّبُوا الْبِلاَدَ، مُؤْثِرِينَ بِبَطْشٍ شَدِيدٍ، وَأَجْسَامٍ كَالْعِمَادِ، فَمَا لَبِثَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي أَنْ طَوَتْ مُدُنَهُمْ، وَعَفَتْ آثَارَهُمْ، وَأَخْوَتْ مَنَازِلَهُمْ، وَأَنْسَتْ ذِكْرَاهُمْ، فَمَا تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ, وَلاَ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا، كَانُوا بِلَهْوِ الأَمَلِ آمِنَيْنِ، لِبَيَاتِ قَوْمٍ غَافِلِينَ، وَلِصَبَاحِ قَوْمٍ نَادِمِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ بَيَانًا مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَصْبَحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، وَأَصْبَحَ الْبَاقُونَ يَنْظُرُونَ فِي آثَارِ نِقْمَةٍ، وَزَوَالِ نِعْمَةٍ، وَمَسَاكِنَ خَاوِيَةٍ، فِيهَا آيَةٌ لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الأَلِيمَ، وَعِبْرَةٌ لِمَنْ يَخْشَى، وَأَصْبَحْتُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي أَجَلٍ مَنْقُوصٍ، وَدُنْيَا مَنْقُوصَةٍ، فِي زَمَانٍ قَدْ وَلَّى عَفْوُهُ، وَذَهَبَ رَجَاؤُهُ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلاَّ حَمَّةُ شَرٍّ، وَصُبَابَةُ كَدَرٍ، وَأَهَاوِيلُ عَبْدٍ، وَعُقُوبَاتُ غَيْرٍ، وَإِرْسَالُ فِتَنٍ، وَتَتَابُعُ زَلاَزِلَ، وَرُذَالَةُ خَلَفٍ، بِهِمْ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَلاَ تَكُونُوا أَشَبَاهًا لِمَنْ خَدَعَهُ الأَمَلُ، وَغَرَّهُ طُولُ الأَجَلِ، وَتَبَلَّغَ بِالأَمَانِيِّ، نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ وَعَى نَذْرَهُ فَانْتَهَى، وَعَقَلَ مَثْوَاهُ فَمَهَّدَ لِنَفْسِهِ.

الصفحة 215