كتاب الشكر لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

128 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ: أَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْكَنِيفِ, قَالَ ذَلِكَ، فَسُمِّيَ عَبْدًا شَكُورًا.
129 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَانِئٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لأَبِي حَازِمٍ: مَا شُكْرُ الْعَيْنَيْنِ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ قَالَ: إِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا خَيْرًا أَعْلَنْتَهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا شَرًّا سَتَرْتَهُ، قَالَ: فَمَا شُكْرُ الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: لاَ تَأْخُذْ بِهِمَا مَا لَيْسَ لَهُمَا، وَلاَ تَمْنَعْ حَقًّا لِلَّهِ هُوَ فِيهِمَا، قَالَ: فَمَا هُوَ شُكْرُ الْبَطْنِ؟ قَالَ: أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُ طَعَامًا، وَأَعْلاَهُ عِلْمًا، قَالَ: فَمَا شُكْرُ الْفَرْجِ؟ قَالَ: كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} قَالَ: فَمَا شُكْرُ الرِّجْلَيْنِ؟ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ حَيًّا غَبَطْتَهُ اسْتَعْمَلْتَ بِهِمَا عَمَلُهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ مَيِّتًا مَقَتَّهُ كَفَفْتَهُمَا عَنْ عَمَلِهِ، وَأَنْتَ شَاكِرٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَمَّا مَنْ شَكَرَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَشْكُرْ بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ, فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ كِسَاءٌ، فَأَخَذَ بِطَرْفِهِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَرِّ، وَالْبَرَدِ، وَالثَّلْجِ، وَالْمَطَرِ.

الصفحة 238