كتاب الشكر لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

139 - حُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ: مَتَى شِئْتَ أَنْ تَرَى مِنَ النِّعْمَةِ عَلَيْكَ أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَيْهِ رَأَيْتَهُ، قَالَ سَلاَّمٌ: أَي وَاللَّهِ، إِذَا أَغْلَقْتَ عَلَيْكَ بَابَكَ جَاءَكَ مَنْ يَسْأَلُكَ يَدُقُّ عَلَيْكَ لِيُعَرِّفَكَ الله عز وجل نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ.
وَهَذَا الْكَلاَمُ عَنْ غَيْرِ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ.
140 - وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ الْبَابِيِّ، عَنْ سَلاَّمِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَرِيضٍ, فَإِذَا هُوَ يَئِنُّ, فَقُلْتُ لَهُ: اذْكُرِ الْمَطْرُوحِينَ فِي الطَّرِيقِ، اذْكُرِ الَّذِينَ لاَ مَأْوَى لَهُمْ، وَلاَ مَنْ يَخْدُمُهُمْ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ, فَلَمْ أَسْمَعْهُ يَئِنُّ، قَالَ: وَجَعَلَ يَقُولُ: اذْكُرِ الْمَطْرُوحِينَ فِي الطَّرِيقِ، اذْكُرْ مَنْ لاَ مَأْوَى لَهُ، وَلاَ مَنْ يَخْدُمُهُ.
141 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نُوحٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَجُلٌ عَلَى بَعْضِ السَّوَاحِلِ: كَمْ عَامَلْتَهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ بِمَا يَكْرَهُ, فَعَامَلَكَ بِمَا تُحِبُّ، قُلْتُ: مَا أُحْصِي ذَلِكَ كَثْرَةً، قَالَ: فَهَلْ قَصَدْتَ إِلَيْهِ فِي أَمْرِ كَرْبِكَ فَخَذَلَكَ؟ قُلْتُ: لاَ وَاللَّهِ، وَلَكِنَّهُ أَحْسَنَ إِلَيَّ فَأَعَانَنِي، قَالَ: فَهَلْ سَأَلْتَهُ شَيْئًا قَطُّ فَأَعْطَاكَ؟ قُلْتُ: وَهَلْ مَنَعَنِي شَيْئًا سَأَلْتُهُ، مَا سَأَلْتُهُ شَيْئًا قَطُّ إِلاَّ أَعْطَانِي، وَلاَ اسْتَعَنْتُ بِهِ إِلاَّ أَعَانَنِي, قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ فَعَلَ بِكَ بَعْضَ هَذِهِ الْخِلاَلِ مَا كَانَ جَزَاؤُهُ عِنْدَكَ؟ قُلْتُ: مَا كُنْتُ أَقْدِرُ لَهُ عَلَى مُكَافَأَةٍ وَلاَ جَزَاءٍ، قَالَ: فَرَبُّكَ أَحَقُّ وَأَحْرَى أَنْ بَذلك نَفْسَكَ لَهُ فِي أَدَاءِ شُكْرِ نِعَمِهِ عَلَيْكَ، وَهُوَ الْمُحْسِنُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا إِلَيْكَ، وَاللَّهِ لَشُكْرِهِ أَيْسَرُ مِنْ مُكَافَأَةِ عِبَادِهِ، إِنَّهُ عز وجل رَضِيَ بِالْحَمْدِ مِنَ الْعِبَادِ شُكْرًا.

الصفحة 241