كتاب الشكر لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

194 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَتَبَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَّا بَعْدُ، يَا أَخِي، فَقَدْ أَصْبَحَ بِنَا مِنْ نِعَمِ اللهِ عز وجل مَا لاَ نُحْصِيهِ، مَعَ كَثْرَةِ مَا نَعْصِيهِ، فَمَا نَدْرِي أَيُّهَا نَشْكُرُ؟ أَجَمِيلُ مَا ظَهَرَ، أَمْ قَبِيحُ مَا سَتَرَ.
195 - حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ، سَمِعْتُ عَبَاءَةَ بْنَ كُلَيْبٍ يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ السَّمَّاكِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا مَسْرُورٌ مَسْتُورٌ، فَأَنَا بِهِمَا مَغْرُورٌ، ذَنْبٌ سَتَرَهُ عَلَيَّ, فَقَدْ طَابَتْ نَفْسِي لِي كَأَنَّهُ مَغْفُورٌ، وَنِعَمٌ أَتْلاَهَا, فَأَنَا بِهَا مَسْرُورٌ، كَأَنِّي بِهَا عَلَى تَأْدِيَةِ الْحُقُوقِ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا عَوَاقِبُ هَذِهِ الأُمُورِ؟.
196 - حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمَدِينِيِّ, قِيلَ: هُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قِيلَ لِلْحَسَنِ: هَاهُنَا رَجُلٌ لَمْ نَرَهْ قَطُّ جَالِسًا إِلَى أَحَدٍ، وَلاَ رَأَيْنَا أَحَدًا جَالِسًا إِلَيْهِ، إِنَّمَا هُوَ أَبَدًا خَلْفَ سَارِيَةٍ وَحْدَهُ، قَالَ الْحَسَنُ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي بِهِ، فَمَرُّوا بِهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَمَعَهُمُ الْحَسَنُ، فَأَشَارُوا إِلَيْهِ, فَقَالُوا: ذَاكَ الرَّجُلُ الَّذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ، فَقَالَ: امْضُوا حَتَّى آتِيَهُ، فَلَمَّا جَاءَهُ, قَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ، أَرَاكَ حُبِّبَتْ إِلَيْكَ الْعُزْلَةُ، فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ؟ فَقَالَ: مَا أَشْغَلَنِي عَنِ النَّاسِ، قَالَ: فَأْتِ ذَا الرَّجُلَ الْحَسَنَ لِتَجْلِسَ إِلَيْهِ، قَالَ: مَا أَشْغَلَنِي عَنِ الْحَسَنِ, وَعَنِ النَّاسِ، قَالَ لَهُ الْحَسَنُ: فَمَا الَّذِي يَشْغَلُكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنِّي أُصْبِحُ وَأُمْسِي بَيْنَ ذَنْبٍ وَنِعْمَةٍ، فَرَأَيْتُ أَنْ أَشْغَلَ نَفْسِي عَنِ النَّاسِ بِالاِسْتِغْفَارِ مِنَ الذَّنْبِ، وَشُكْرِ اللهِ عز وجل عَلَى النِّعْمَةِ، فَقَالَ الْحَسَنُ: أَنْتَ يَا عَبْدَ اللهِ أَفْقَهُ عِنْدِي مِنَ الْحَسَنِ، فَالْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ.

الصفحة 255