كتاب الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

97 - حَدَّثَنِي محمد بن الحسين، حَدَّثَنَا محمد بن بشر العبدي، عن مسعر قال: مر برجل يوم اليمامة وقد نثر قصبه في الأرض، وهو يقول لبعض من مر به: ضم إلي منه, لعلي أدنو قيد رمح أو رمحين في سبيل الله.
98 - حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، حَدَّثَنَا أبو بكر بن عياش، عن أبيه قال: قال الحجاج لحطيط: اصدقني, قال: سلني، فقد عاهدت الله إن خلوت لي لأقتلنك، وإن عذبتني لأصبرن، وإن سألتني لأصدقن, فقال: ما قولك في عبد الملك؟ قال: ما أسفهك، تسألني عن رجل أنت خطيئة من خطاياه، وقد ملأت الأرض فسادا؟ قال: فهل خلوت لك؟ قال: مرة واحدة، فحال بيني وبينك شيء منعني منك, قال: كأني قد عرفت، أما الثالثة فلا تصبر عليها, قال: ما شاء الله, قال: دونك يا معد, قال: فعذبه بكل شيء، ثم جاء فقال: ما يبالي, فقال الحجاج: أله حميم؟ قالوا: أم وأخ, قال: فوضع على أمه الدهق, فقال حطيط: يا أمه: اصبري، اصبري, قال: فقتلها.
99 - حَدَّثَنِي علي بن الحسن، عن عمرو بن حماد بن طلحة, قال: سمعت عبد الله بن حميد الثقفي يذكر عن أبيه، وكان من حرس الحجاج، قال: لما أتي بحطيط, فكلمه الحجاج، أمر به ليعذب, قال: فأخرجه صاحب عذابه فقال: يا حطيط، قد علمت الذي أمرني به فيك الأمير، فماذا أعددت له؟ فقال له حطيط: ثكلتك أمك، أنت تطيعه في معصية الله, وتبيع آخرتك بدنياه، أنت ممن خسر الدنيا والآخرة، فتبا لك آخر الدهر, قال: ما أعددت لذلك يا حطيط لما أمرني به فيك؟ فلما أكثر عليه قال: ثكلتك أمك، أعددت لذلك ما وعد الله عليه تكملة الأجور بغير حساب، أعددت والله لذلك الصبر حتى ينفذ في قضاء الله وقدره, قال: فعذب بأنواع العذاب، فما نبس بكلمة، حتى إذا قرب أن تخرج نفسه، أخرج فرمي به على مزبلة، فاجتمع عليه الناس، فجعلوا يقولون له: يا حطيط, قل: لا إله إلا الله, فجعل يحرك شفتيه بها ولا يبين الكلام، ثم فاضت نفسه.

الصفحة 285