كتاب الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

100 - حَدَّثَنِي علي بن الحسن بن أبي مريم، عن أحمد بن يحيى بن مالك، حَدَّثَنَا مبارك بن فضالة، عن الحسن، أن رجلا كان يقال له: عقيب، كان يعبد الله تعالى على جبل، وكان في ذلك الزمان رجل يعذب الناس بالمثلات، وكان جبارًا، فقال عقيب: لو نزلت إلى هذا, فأمرته بتقوى الله كان أوجب علي، فنزل من الجبل، فقال له: يا هذا اتق الله, فقال له الجبار: يا كلب، مثلك يأمرني بتقوى الله؟ لأعذبنك عذابا لم يعذب به أحد من العالمين, قال: فأمر به أن يسلخ من قدمه إلى رأسه وهو حي، فسلخ، فلما بلغ بطنه أن أنة، فأوحى الله إليه: عقيب، اصبر, أخرجك من دار الحزن إلى دار الفرح، ومن دار الضيق إلى دار السعة، فلما بلغ السلخ إلى وجهه صاح، فأوحى الله إليه: عقيب، أبكيت أهل سمائي, وأهل أرضي، وأذهلت ملائكتي عن تسبيحي، لئن صحت الثالثة لأصبن عليهم العذاب صبا، فصبر حتى سلخ وجهه، مخافة أن يأخذ قومه العذاب.
101- حَدَّثَنِي علي بن الحسن، عن أبي يزيد الرقي، عن فضيل بن عياض، أنه سئل عن الأمر والنهي، فلم يأمر بذلك، ثم قال: إن صبرت كما صبر الإسرائيلي, فنعم, قيل له: وكيف كان الإسرائيلي؟ قال: كان ثلاثة نفر، فاجتمعوا, فقالوا: إن هذا الرجل يفعل ويفعل، يعنون ملكهم، ثم قالوا: يأتيه واحد منا, فيخلو به في السر فيأمره وينهاه، فذهب واحد منهم، فدخل عليه، فأمره ونهاه, فقال: ألا أراك هاهنا؟ فأمر به فحبس، فبلغ الخبر الآخرين, فقالا: الآن وجب، فجاءه واحد منهما, فقال: يا هذا، جاءك رجل, فأمرك ونهاك، فأمرت به فحبس, فقال: ألا أراك إلا صاحبه, أما إني لا أفعل بك ما فعلت به، فأمر به، فضرب حتى قتل، فجاء الخبر إلى الثالث, فقال: الآن وجب, فأتاه, فقال له: يا هذا, جاءك رجل فأمرك ونهاك فحبسته، وجاءك الآخر فضربته حتى قتلته, فقال: ألا أراك إلا صاحبه, أما إني لا أصنع بك ما صنعت به, فأمر به, فضرب وتد في أذنه في الأرض في الشمس، فحر الشمس من فوقه ومن تحته، فأرادوه على أن يتكلم بشيء، أي شبه الاعتذار إلى الملك، فأبى, قال أبو يزيد: قال بعضهم: وأحدكم لو انتهر, لقال: جعلني الله فداءك.

الصفحة 286