كتاب الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

104 - حَدَّثَنِي علي بن الحسن، عن الصلت بن حكيم, قال: حَدَّثَنِي أبو عبد الرحمن المغازلي قال: دخلت على رجل مبتلى بالحجاز، فقلت: كيف تجدك؟ قال: أجد عافيته أكثر مما ابتلاني به، وأجد نعمه علي أكثر من أحصيها, فقلت: أتجد لما أنت فيه ألمًا شديدا؟ فبكى ثم قال: سلا بنفسي عن ألم ما بي ما وعد عليه سيدي أهل الصبر من كمال الأجور في شدة يوم عسير, قال: ثم غشي عليه، فمكث مليا، ثم أفاق, فقال: إني لأحسب أن لأهل الصبر عند الله غدا في القيامة مقاما شريفا, لا يتقدمه من ثواب الأعمال شيء، إلا ما كان من الرضا عن الله جل وعز.
105 - أنشدني أبو جعفر الأموي, شيخ من أهل الحجاز لأعرابي من عذرة:
عليك بتقوى الله واقنع برزقه... فخير عباد الله من هو قانع
ولا تلهك الدنيا ولا طمع بها... فقد أهلك المغرور فيها المطامع
وصبرا على نوبات ما ناب واعترف... فما يستوي عبد صبور وجازع
ألم تر أهل الصبر يجزوا بصبرهم... بما صبروا والله راء وسامع
ومن لم يكن في نعمة الله عنده... سوى ما حوت يوما عليه الأضالع
فقد ضاع في الدنيا وخيب سعيه... وليس لرزق ساقه الله مانع.

الصفحة 289