كتاب الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

133 - حَدَّثَنِي محمد بن الحسين، حَدَّثَنِي داود بن المحبر, قال: سمعت أبي المحبر بن قحذم يقول: لما مثل بالشجاء صبرت، وجعلت تعزي نفسها بالقرآن, وتقول: {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله} ثم قالت: لئن كنت على بصيرة من أمري إن هذا لقليل في جنب عظيم ما أطلب من ثواب الله, قال: فما تكلمت بغير هذا حتى ماتت.
134 - حَدَّثَنِي محمد بن الحسين, قال: حَدَّثَنِي سعد بن ربيعة، حَدَّثَنِي أبو عاصم العباداني، عن أبي خلدة قال: قال أبو السوار العدوي: لما مثل بالشجاء، ما رأيت رجلا قط ولا امرأة أصبر على بلاء من هذه, قال: وكان قد حضرها وهم يمثلون بها، فقالت: سلا بنفسي عن الدنيا القدوم على الله عز وجل، والله لله أحب إلي من خلقه, ثم ماتت.
135 - حَدَّثَنِي محمد بن الحسين، حَدَّثَنَا عبد الملك بن قريب الأصمعي, قال: حَدَّثَنِي رجل أدرك ذاك قال: لما أتي بها ابن زياد، أمر بها, فقطعت يداها ورجلاها, فما نبست بكلمة, قال: فأتى بنار لتكوى بها, فلما رأت النار صرخت, فقيل لها: قطعت يداك ورجلاك, فلم تكلمي، فلما رأيت النار صرخت من قبل أن تدنى منك؟ قالت: ليس من ناركم صرخت، ولا على دنياكم أسفت، ذكرت بها النار الكبرى، فكان الذي رأيتم من ذلك, قال: فأمر بها, فسملت عيناها، فقالت: اللهم قد طال في الدنيا حزني، فأقر بالآخرة عيني، ثم خمدت.
136 - حَدَّثَنِي محمد بن الحسين، حَدَّثَنِي أبو عمر الضرير، حَدَّثَنَا عمران بن خالد، حَدَّثَنَا عبد الجليل القيسي قال: لما أمر ابن زياد بالشجاء أن يمثل بها، جاء الذي يريد أن يلي ذلك منها, ومعه الحديد, والحبال، فقالت: إليكم عني, أتكلم بكلمات يحفظهن عني من سمع بهن, قال: فحمدت الله, وأثنت عليه، ثم قالت: هذا آخر يومي من الدنيا، وهو غير مأسوف عليه، وأرجو أن يكون أول أيامي من الآخرة، وهو اليوم المرغوب فيه, ثم قالت: إن علمي والله بفنائها هو الذي زهدني في البقاء فيها، وسهل علي جميع بلواها، فما أحب تعجيل ما أخر الله، ولا تأخير ما عجل الله, ثم قدمت، فمثل بها, حتى ماتت.

الصفحة 298