كتاب الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

147 - حَدَّثَنِي علي بن أبي مريم، عن محمد بن الحسين، حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم الثقفي، حَدَّثَنَا مضر، عن عبد الواحد بن زيد, قال: قال لي عابد من أهل الشام: أما والله يا أبا عبيدة ليعلمن الصابرون غدا أن موئل الصبر موئل كريم هنيء غير مردي, وليعلمن أهل الاستخفاف بمعاصي الله أن ذلك كائن عليهم وبالا، ولبئس سبيل الخائف الغرة وترك الحذر والاحتراس مما يخاف وبكى.
148 - حَدَّثَنِي علي بن أبي مريم، عن محمد بن الحسين، حَدَّثَنِي إبراهيم بن سلمة الشعيثي, قال: سمعت ابن السماك يقول: من امتطى الصبر قوي على العبادة، ومن أجمع اليأس استغنى عن الناس، ومن أهمته نفسه لم يول تربتها غيره، ومن أحب الخير وفق له، ومن كره الشر جنبه، ومن رضي بالدنيا من الآخرة حظا فقد أخطأ حظ نفسه، ومن أراد الحظ الأكبر من الآخرة سعى لها سعيها, وأعمل نفسه لها، وهانت عليه الدنيا وجميع ما فيها، والصبر عن الدنيا رأس الزهد فيها، والصبر عن المعاصي هو الكره لها، والصبر على طاعة الله فرع الخير وتمامه.
149 - حَدَّثَنِي علي بن أبي مريم، عن محمد بن الحسين، حَدَّثَنَا حكيم بن جعفر, قال: حَدَّثَنِي قرة النحات قال: قلت لعابد في بيت المقدس: أوصني, قال: عليك بالصبر، والتصبر، والاصطبار, قال: قلت: ما الصبر؟ وما التصبر؟ وما الاصطبار؟ قال: أما الصبر فالتسليم والرضا بنزول المصائب والبلوى، وتوطين النفوس عليها قبل حلولها، وأما التصبر فتجرع مرارتها عند نزولها، ومجاهدة النفس على هدوئها وسكونها، وأما الاصطبار, فاستقبال ما ينزل منها من المصائب والبلوى بالطلاقة والبشر، وانتظار ما لم ينزل منها بالاعتبار والفكر، فإذا كان العبد كذلك كان مصطبرا، لم يبال ما تقدم من ذلك.

الصفحة 302