كتاب الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

150 - وجدت في بعض الحكمة: الصبر على عشرة وجوه: الصبر على المعاصي، والصبر على الفرائض، والصبر على الشبهات، والصبر على الفقر، والصبر على الأوجاع، والصبر على المصائب، والصبر على أذى الناس، والصبر عن الشهوات، والصبر عن فضول الكلام، والصبر على النوافل، وكل عمل من هذه الوجوه تعمله وهو شاق عليك, فأنت فيه صابر، وكل عمل تعمله منها وليس فيه مشقة, فليس ذلك من باب الصبر، ويكون ذلك من حسن المعونة من الله سبحانه لعبده، كفاه مؤنة المشقة, وأذاقه حلاوة المعونة.
151 - حَدَّثَنِي علي بن أبي مريم، عن محمد بن الحسين, قال: حَدَّثَنِي خلف بن إسماعيل, قال: قال لي رجل من عقلاء الهند: لا يكون الصبر إلا في رجل له عند الله عظيم من الذخر، ولرب صابر برز به صبره أمام المتقين يوم القيامة، والصبر في كل شيء حسن، وهو في طاعة الله وعن معصيته أحسن.
152 - حَدَّثَنِي الحسين بن ناصح, مولى محمد بن سليمان الهاشمي، حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان، عن الحجاج بن فرافصة، عن محمد بن عجلان، عن رجل من جهينة، عن أبي الدرداء قال: إنها ستكون أمور تنكرونها، فعليكم فيها بالصبر، صبر كقبض على الجمر، ولا تقولوا: تغير، حتى يكون الله يغير.
153- حَدَّثَنِي محمد بن عباد بن موسى العكلي، عن محمد بن مسعر اليربوعي, قال: حَدَّثَنِي عطية بن سليمان قال: صليت الجمعة, ثم انصرفت، فجلست إلى يونس بن عبيد, حتى صلينا العصر، فقال: هل لكم في جنازة؟ قال: فمضينا إلى ناحية بني سعد، فصلينا على جنازة، ثم قال: هل لكم في فلان العابد نعوده؟ فأتينا رجلا قد وقعت في فمه الخبيثة, حتى أبدت عن أضراسه، فكان إذا أراد أن يتكلم دعا بقعب من ماء وبقطنة فبل لسانه، ثم يتكلم بكلمات يحسن فيهن، فلما دخلنا عليه, دعا بالقدح ليفعل كما كان يفعل، فبينا هو يبل لسانه, إذا سقطت حدقتاه في القدح، فأخذهما, فمرثهما بيده, ثم قال: إني لأجد فيهما دسما، وما كنت أظن بقي فيهما، ثم استقبل القبلة, ثم قال: الحمد لله الذي أعطانيهما, فأمتعني بهما شبابي وصحتي، حتى إذا فنيت أيامي, وحضر أجلي, أخذهما مني، ليبدلني بهما، إن شاء الله، خيرا منهما, فقال له يونس: قد كنا تهيأنا لنعزيك، فنحن الآن سنهنئك، فقال خيرا ودعا، ثم خرجنا من عنده, فأتينا أبا رجاء العطاردي، فحدثناه بقصتنا, فقال: شهدتم عيدا، وقعدتم, حتى صليتم جماعة، ثم شيعتم جنازة، ثم عدتم مريضا، ثم زرتم أخا، لقد أصبتم خيرا, وأنا والله قد أصبت خيرا، قد قرأت البارحة أكثر من ألف آية.

الصفحة 303