كتاب الصبر والثواب عليه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

158 - أنشدني الحسين بن عبد الرحمن:
تعز إذا أصبت بكل أمر... من التقوى أمرت به مصابا
فكل مصيبة عظمت وجلت... تخف إذا رجوت لها ثوابا.
159 - حَدَّثَنِي علي بن الحسن بن أبي مريم، عن محمد بن الحسين، حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم الثقفي، حَدَّثَنِي مضر, أبو سعيد القارئ قال: قال بعض العباد على بعض السواحل: إنك والله أيها المرء ما التمست اتباع رضوانه بشيء أبلغ فيما تريد من اجتناب سخطه, قال: ثم بكى, وقال: وكيف وغرور الأمال تلهينا عن سرعة ممر الآجال؟ قال: ثم بكى, وقال: لا تعجب أيها المرء من سهو وغفلة غلبا على عقولنا، فنحن نحرص على الدنيا ونعمل لها، غير مستزيدين في أرزاقنا، بالحرص عليها والعمل لها، وندع حظنا في هذه الدار الفانية من الدار الباقية، التي يرزق أهلها فيها بغير حساب، وإنما جعلت هذه الدار سبيلا إلى الوصلة إلى الدار الأخرى, قال: فإن أعمالنا وحرصنا على طلب الدار الآخرة, يزيد في أرزاقنا ولذاتنا في الدنيا والآخرة، ثم بكى, وقال: يا عبد الله، احتجز الصبر على إرادته, يبلغك خير إرادتك لديه، فما رأينا مثل الصبر على طاعته شيئا.
160 - حَدَّثَنِي علي بن الحسن بن أبى مريم، عن محمد بن الحسين, قال: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بن هانئ قال: سمعت عمر بن ذر يقول في دعائه: أسألك اللهم خيرا يبلغنا ثواب الصابرين لديك، وأسألك اللهم شكرا يبلغنا مزيد الشاكرين لك، وأسألك اللهم توبة تطهرنا بها من دنس الآثام, حتى نحل بها عندك محلة المنيبين إليك، فأنت ولي جميع النعم والخير، وأنت المرغوب إليه في كل شديدة وكرب وضر، اللهم وهب لنا الصبر على ما كرهنا من قضائك، والرضا بذلك طائعين، وهب لنا الشكر على ما جرى به قضاؤك من محبتنا، والاستكانة لحسن قضائك، متذللين لك خاضعين؛ رجاء المزيد والزلفى لديك يا كريم، اللهم فلا شيء أنفع لنا عندك من الإيمان بك، وقد مننت به علينا, فلا تنزعه منا, ولا تنزعنا منه, حتى تتوفانا عليه، موقنين بثوابك، خائفين لعقابك، صابرين على بلائك، راجين لرحمتك يا كريم.

الصفحة 305