كتاب ذم الملاهي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

46 - حدثني أبي, وأحمد بن منيع, قال: حدثنا مروان بن شجاع, عن عبد الكريم الجزري, قال: إذا رأيتم الرجل قد هجر المسجد, وعكف على الغناء الشرار, فلا تسألوا عنه.
47 - وحدثني يعقوب بن محمد, قال: حدثت عن زافر بن سليمان, قال: كان رجل يجلس في المسجد, فترك الجلوس فيه, واتخذ قينة, فكتب إليه رجل من إخوانه: أما بعد, فإن الله عز وجل لم يرض لنبيه صلى الله عليه وسلم الشعر, فقال: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} وكيف إذا اجتمع زي الفاسقين وأصواتهم اللعينة, وعيدانهم الوحشة الملعونة, والنساء المتبرجات بالزينة؟ والله ما أرى من فعل هذا يوقى الهلكة, ولا عذر في النعمة, ولا وضع ما رزقه الله حيث أمره الله عز وجل, فانظر يا أخي من أي شيء خرجت, وفي أي شيء دخلت, وعلى من أقبلت, ومن أقبل عليك, وعن من أعرضت, ومن أعرض عنك فإنك إن أحسنت النظر علمت أنك خرجت من النور ودخلت في الظلمة, وأعرضت عن الله عز وجل, وأعرض الله عز وجل عنك فتدارك نفسك, فإنك إن لم تفعل ذلك فإن أهون داء من دائك يقتل صاحبه والسلام على من اتبع الهدى.
48 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن, قال: حدثني عبد الله بن عبد الوهاب, قال: أخبرني أبو حفص الأموي عمر بن عبد الله قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: من عبد الله عمر أمير المؤمنين, إلى سهل مولاه أما بعد: فإني اخترتك على علم مني بك لتأديب ولدي وصرفتهم إليك عن غيرك من موالي وذوي الخاصة لي, فخذهم بالجفاء فهو أمعن لإقدامهم, وترك الصحبة, فإن عادتها تكسب الغفلة, وقلة الضحك؛ فإن كثرته تميت القلب وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي, التي بدؤها من الشيطان, وعاقبتها سخط الرحمن, فإنه بلغني عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ينبت النفاق في القلب, كما ينبت العشب الماء ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه, وهو حين يفارقها لا يعتمد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع به وليفتتح كل غلام منهم بجزئه من القرآن, يتثبت في قراءته, فإذا فرغ منه تناول قوسه ونبله, وخرج إلى الغرض حافيا فرما سبعة أرشاق, ثم انصرف إلى القائلة, فإن ابن مسعود كان يقول: يا بني قيلوا؛ فإن الشيطان لا يقيل, والسلام.

الصفحة 39