كتاب ذم الملاهي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

52 - وحدثنا أبو زيد النميري, قال: حدثنا خلاد بن زيد, قال: سمعت شيوخنا, من أهل مكة منهم سليم يذكرون أن القس عند أهل مكة من أحسنهم عبادة, وأطهرهم تبتلا وأنه مر يوما بسلامة, جارية كانت لرجل من قريش -, وهى التي اشتراها يزيد بن عبد الملك, فسمع غناءها, فوقف يستمع, فرآه مولاها, فدنا منه, فقال: هل لك أن تدخل فتسمع فتأبى عليه, فلم يزل به حتى سمح, وقال: أقعدني في موضع لا أراها ولا تراني قال: أفعل فدخل, فتغنت, فأعجبته فقال مولاها: هل لك أن أحولها إليك؟ فتأبى ثم سمح, فلم يزل يسمع غناءها حتى شغف بها وشغفت به, وعلم ذلك أهل مكة فقالت له يوما: أنا والله أحبك قال: وأنا والله أحبك قالت: وأحب أن أضع فمي على فمك قال: وأنا والله قالت: وأحب أن ألصق صدري بصدرك, وبطني ببطنك قال: وأنا والله قالت: فما يمنعك؟, فوالله إن الموضع لخال قال: إني سمعت الله عز وجل يقول: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} وأنا أكره أن تكون خلة ما بيني وبينك تؤول بنا إلى عداوة يوم القيامة قالت: يا هذا, أتحسب أن ربي وربك لا يقبلنا إن نحن تبنا إليه؟ قال: بلى, ولكن لا آمن أن أفاجأ, ثم نهض وعيناه تذرفان, فلم يرجع بعد, وعاد إلى ما كان عليه من النسك.

الصفحة 41