كتاب ذم الملاهي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

63 - حدثني أبو حاتم الرازي, قال: حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي, قال: حدثنا صفوان بن هبيرة, عن أبي بكر الهذلي, قال: قلت للحسن: أكان نساء المهاجرين يصنعن كما تصنعون اليوم؟ قال: لا, لكن هاهنا خمش وجوه, وشق جيوب, ونتف أشفار, ولطم خدود, ومزامير شيطان, صوتان قبيحان فاحشان, عند نعمة إن حدثت, وعند مصيبة إن نزلت ذكر الله عز وجل المؤمنين فقال: {وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} وجعلتم أنتم في أموالكم حقا معلوما لمغنية عند النعمة, وللنائحة عند المصيبة, يتزوج منكم المتزوج فتحملون نساءكم, معهن هذه الصنوج والمعازف, ويقول الرجل لامرأته تحفلي تحفلي, فيحملها على حصان ويسير خلفها علجان معهما قضيبا شيطان, معهما من لعنه الله عز وجل ورسوله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن مخنثي الرجال, ومذكرات النساء وقال: أخرجوهن من بيوتكم وكان حذيفة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتشبه الرجل بالمرأة في لبسها, ولا تتشبه المرأة بالرجل في لبسه وأنتم تخرجون النساء في ثياب الرجال, وتخرجون الرجال في ثياب النساء, ثم يمر بها على المساجد والمجالس, فيقال: من هذه؟ فيقال: امرأة فلان ابن فلان مرة إلى زوجها, وإلى أبيها أخرى لا بر ولا تقوى, ولا غيرة ولا حياء, ويقال: ما هذه الجموع؟ فيقال: رجل لم يكن له زوجة, فأفاده الله عز وجل زوجة, استقبل نعمة الله عز وجل بما ترون من الشكر, هذا في هذه النعمة فإن كانت مصيبة, فماذا؟ يموت منكم الميت, وعليه الدين, وعنده الأمانة, فيوصى بالوصية, فيأتي الشيطان أهله, فيقول: والله لا تفقدوا تركته, ولا تؤدوا أمانته, ولا تمضوا وصيته حتى تبدؤوا بحقي في ماله, فتشتروا ثيابا جددا, ثم تشق عمدا, وتجيئون بها بيضاء, ثم تصبغ سوداء.
ثم يمد لها خمس سرادقا في داره, فيأتون بأمة مستأجرة تبكي لغير شجوهم, وتبيع عبرتها بدراهمهم تفتن أحياءهم في دورهم, وتؤذي أمواتهم في قبورهم, وتمنعهم أجرهم في الآخرة لما يعطونها من أجرها في الدنيا وما عسى أن تقول النائحة, تقول: أيها الناس إني آمركم بما نهاكم الله عز وجل عنه, وأنهاكم عما أمركم الله عز وجل به, ألا إن الله عز وجل أمرنا بالصبر, فأنا أنهاكم أن تصبروا, ألا إن الله عز وجل قد نهاكم عن الجزع فأنا آمركم أن تجزعوا, يقال: اعرفوا لها حقها, فيبرد لها الشراب, وتكسى الثياب, وتحمل على الدواب, إنا لله وإنا إليه راجعون, فما كنت أرى أن أخلف في أمة يكون هذا فيهم.

الصفحة 45