كتاب الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

29 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْحَوَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ فِي وَصِيَّتِهِ: يَا بُنَيَّ, لاَ يَنْزِلَنَّ بِكَ أَمْرٌ رَضِيتَهُ, أَوْ كَرِهْتَهُ, إِلاَّ جَعَلْتَ فِي الضَّمِيرِ مِنْكَ أَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكَ, قَالَ: أَمَّا هَذِهِ فَلاَ أَقْدِرُ أَنْ أَعْطِيَكَهَا دُونَ أَنْ أَعْلَمَ مَا قُلْتَ أَنَّهُ كَمَا قُلْتَ, قَالَ: يَا بُنَيَّ, فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ نَبِيًّا، هَلُمَّ حَتَّى تَأْتِيَهُ, فَعِنْدَهُ بَيَانُ مَا قُلْتُ لَكَ, قَالَ: اذْهَبْ بِنَا يَا أَبَه, قَالَ: فَخَرَجَ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ, وَابْنُهُ عَلَى حِمَارٍ, وَتَزَوَّدَا مَا يُصْلِحُهُمَا مِنْ زَادٍ, ثُمَّ سَارَا أَيَّامًا وَلَيَالِيَ, حَتَّى تَلَقَّتْهُمَا مَفَازَةٌ, فَأَخَذَا أُهْبَتَهُمَا لَهَا, فَدَخَلاَهَا, فَسَارَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسِيرَا, حَتَّى ظَهَرَا وَقَدْ تَعَالَى النَّهَارُ, وَاشْتَدَّ الْحَرُّ, ونَفَدَ الْمَاءُ وَالزَّادُ, وَاسْتَبْطَآ حِمَارَيْهِمَا, فَنَزَلَ لُقْمَانُ وَنَزَلَ ابْنُهُ, فَجَعَلاَ يَشْتَدَّانِ عَلَى سُوقِهِمَا, فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ, إِذْ نَظَرَ لُقْمَانُ أَمَامَهُ, فَإِذَا هُوَ بِسَوَادٍ وَدُخَانٍ, فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: السَّوَادُ شَجَرٌ, وَالدُّخَانُ عُمْرَانٌ وَنَاسٌ, فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ يَشْتَدَّانِ, إِذْ وَطِئَ ابْنُ لُقْمَانَ عَلَى عَظْمٍ نَاتِئٍ عَلَى الطَّرِيقِ, فَدَخَلَ فِي بَاطِنِ الْقَدَمِ, حَتَّى ظَهَرَ مِنْ أَعْلاَهَا, فَخَرَّ ابْنُ لُقْمَانَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ, فَحَانَتْ مِنْ لُقْمَانَ الْتِفَاتَةٌ, فَإِذَا هُوَ بِابْنِهِ صَرِيعٌ, فَوَثَبَ إِلَيْهِ, فَضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ, وَاسْتَخْرَجَ الْعَظْمَ بِأَسْنَانِهِ, وَاشْتَقَّ عِمَامَةً كَانَتْ عَلَيْهِ, فَلاَثَ بِهَا رِجْلَهُ,

الصفحة 82