كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

الشريفة إلى القلوب بأقواله وأعماله، فيكون هذا شكراً لنعمة الله عليه بالرزق الباطن، ويعلم أن وصف الرزاق لا يستحقه إلا الله فلا ينتظر الرزق إلا منه.
يروى: أنه قيل لحاتم الأصم (¬1): من أين تأكل؟ قال: من خزائنه، قال الرجل: يلقى عليك الخبز من السماء! فقال: لو لم تكن الأرض له لكان يلقيه من السماء، فقال الرجل: أنتم تقولون الكلام، قال: لأنه لم ينزل من السماء إلا الكلام، فقال الرجل: أنا لا أقوى على مجادلتك، قال: لأن الباطل [لا يقوم] (¬2) مع الحق.
قوله: "الفَتَّاح" (¬3) فسراه بما تراه وهو لفظ قرآني: {وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)} (¬4).
وقال (¬5) غيرهما (¬6): هو الذي بعنايته ينفتح كل منغلق، وبهدايته ينكشف كل مشكل، فتارة يفتتح الممالك لأنبيائه ويخرجها من أيدي أعدائه، ويقول: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1)} (¬7)، وتارة لرفع الحجاب عن قلوب أوليائه، ويفتح لهم الأبواب إلى ملكوت سمائه وجمال
¬__________
(¬1) ذكره القشيري في "شرح أسماء الله الحسنى" (ص 109 - 110).
(¬2) في المخطوط (أ، ب): "لا يقوى"، وما أثبتناه من "شرح القشيري" (ص 109).
(¬3) الفتح: صفة لله - عز وجل - ثابتة بالكتاب والسنة، والفتاح اسم من أسمائه تعالى. قال تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89)} [الأعراف: 89].
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (3124)، ومسلم رقم (1747) عن أبي هريرة: " ... اللهم احبسها علينا - يعني الشمس - فحبست حتى فتح الله عليه ... ".
(¬4) سورة سبأ: 26.
(¬5) انظر: "شأن الدعاء" للخطابي (ص 56)، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي (ص 189)، "شرح أسماء الله الحسنى" للرازي (ص 236 - 237).
(¬6) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى".
(¬7) سورة الفتح: (1). قال الرازي في شرحه (ص 236 - 237): الفتاح في وصفك لله يحتمل معنيين: =

الصفحة 105