قوله: "الخَبِيْر" (¬1) هو الذي لا تعزب (¬2) عنه الأخبار الباطنة، ولا يجري في الملك والملكوت شيء، ولا تتحرك ذرة ولا تضطرب نفس ولا تسكن إلا وهو خبير بذلك، وهو بمعنى العليم، لكن العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة سمي خبرة، ويسمى صاحبها خبيراً.
فائدة (¬3): يتخلق العبد من هذا الوصف أن يكون خبيراً بما يجري في عالمه، وعالمه: قلبه وبدنه، والخفايا التي يتصف القلب بها من الغش والخيانة، والتطواف حول العاجلة، وإضمار الشر، وإظهار الإخلاص، وغير ذلك مما لا يعرفه إلا من كان ذا خبرة بصفات النفس وشرورها الكامنة فيها.
¬__________
(¬1) الخبير: صفة ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب والسنة، وذلك من اسمه الخبير.
الدليل من الكتاب:
قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73)} [الأنعام: 73].
وقال تعالى: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)} [الفرقان: 59].
وقال تعالى: {قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)} [التحريم: 3].
الدليل من السنة: ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (974) من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها في قصة تتبعها له إلى البقيع: "ما لك يا عائش حشياً رابية؟ " قالت: قلت: لا شيء. قال: "لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير".
قال الخطابي في "شأن الدعاء" (ص 63): "هو العالم بكنه الشيء، المطلع على حقيقته.
وقال أبو هلال العسكري في "الفروق" (ص 74): الفرق بين العلم والخبر: أن الخبر هو العلم بكنه المعلومات عن حقائقها، نفيه معنى زائد على العلم.
وقال السعدي في تفسيره (2/ 39): الخبر: العلم المحيط بالسرائر، والبواطن والخفايا.
(¬2) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 105).
(¬3) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 106)، وانظر: "شرح أسماء الله الحسنى" للرازي (ص 255).