قوله: "الحَلِيْم" (¬1) أسقط ابن الأثير تفسير الحليم والعظيم وتبعه المصنف، وفي شروح الأسماء (¬2): تفسير الحليم (¬3) هو الذي يشاهد معصية العصاة، ويرى مخالفة الأمر، ثم لا يستفزه غضب، ولا يعتريه غيظ، ولا يحمله على المسارعة إلى الانتقام مع غاية الاقتدار عجلة ولا طيش، كما أشار إليه قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ} (¬4)
¬__________
(¬1) الحلم يوصف الله - عز وجل - بالحلم، وهي صفة ذاتية ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} [البقرة: 263].
وقال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} [الإسراء: 44].
الدليل من السنة: أخرج البخاري رقم (6345)، ومسلم رقم (2730) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: " ... لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ... ".
قال الهراس في "شرح النونية" (2/ 81): ومن أسمائه (الحليم) و (العفو)، فالحليم الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان، حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة، فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة، ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم، كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)} [فاطر: 45].
وانظر: "شأن الدعاء" (ص 63 - 64).
(¬2) انظر: "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" (1/ 94 - 95)، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي (ص 96).
(¬3) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 106)، وانظر: "شأن الدعاء" (ص 63).
(¬4) سورة النحل: 61.