قوله: "الغَفُور" (¬1) هو بمعنى الغفار (¬2)، ولكنه ينبئ عن نوع مبالغة لا يبنئ عنها الغفار، فإن الغفار مبالغة في المغفرة بالإضافة إلى مغفرة متكررة مرة بعد مرة، فالغفار يبنئ عن كثرة الفعل، والغفور يبنئ عن جودته وكمال وشموله، فهو غفور تام الغفران كامله حتى يبلغ أقصى درجات المغفرة.
¬__________
(¬1) المغفرة والغفران صفة فعلية ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب والسنة، ومن أسمائه: (الغفار والغفور).
الدليل من الكتاب:
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28)} [فاطر: 28].
وقال تعالى: {أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (5)} [الزمر: 5].
وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43)} [فصلت: 43].
الدليل من السنة:
ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (125) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه: " ... بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير".
قال الزجاجي في "اشتقاق أسماء الله" (ص 93): " ... غفور - كما ذكرت لك - من أبنية المبالغة، فالله - عز وجل - غفور؛ لأنه يفعل ذلك لعباده مرة بعد مرة إلى ما لا يحصى، فجاءت هذه الصفة على أبنية المبالغة لذلك، وهو متعلق بالمفعول؛ لأنه لا يقع الستر إلا بمستور يستر ويغطي، وليست من أوصاف المبالغة في الذات، إنما من أوصاف المبالغة في الفعل".
وقال السعدي في تفسيره (5/ 300): "العفو، الغفور، الغفار: الذي لم يزل ولا يزال بالعفو معروفاً، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفاً، كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه".
(¬2) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 108). انظر: "شأن الدعاء" (ص 65)، "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي (ص 93 - 94).