كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

قوله: "الشَّكُور" (¬1) هو الذي يجازي (¬2) على يسير الطاعات [كبير] (¬3) الدرجات، ويعطي على العمل في أيام معدودة نعماً في الآخرة غير محدودة، ومن كافأ الحسنة بأضعافها يقال أنه شكر تلك الحسنة، ومن أثنى على المحسن أيضاً يقال أنه شكر.
¬__________
(¬1) الشكر: من صفات الله - عز وجل - الفعلية: (الشكر)، و (الشاكر)، و (الشكور) من أسماء الله - عز وجل -. وكل ذلك ثابت بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
1 - قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} [البقرة: 158].
2 - وقوله: {وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17)} [التغابن: 17].
الدليل من السنة:
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة ساقي الكلب ماءً، وفيه: " ... فنزل البئر، فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له ... ". رواه البخاري (2363)، ومسلم (2244).
قال ابن منظور في "لسان العرب": "والشكور: من صفات الله جلّ اسمه، معناه: أنه يزكو عنده القليل من أعمال العباد، فيضاعف لهم الجزاء، وشكره لعباده: مغفرة لهم".
وقال الزجاجي في "اشتقاق أسماء الله" (ص 152): "وقد تأتي الصفة بالفعل لله - عز وجل - ولعبده، فيقال: "العبد شكور لله"؛ أي: يشكر نعمته، والله - عز وجل - شكور للعبد؛ أي: يشكر له عمله؛ أي: يجازيه على عمله، والعبد تواب إلى الله من ذنبه، والله تواب عليه؛ أي: يقبل توبته ويعفو عنه".
وقال ابن القيم في "عدة الصابرين" (ص 321): "وأما شكر الرب تعالى؛ فله شأن آخر؛ كشأن صبره، فهو أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو الشكور على الحقيقة، فإنه يعطي العبد، ويوفقه لما يشكره عليه ... ".
(¬2) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 108 - 109).
(¬3) كذا في المخطوط (أ. ب)، والذي في "المقصد الأسنى" كثير.

الصفحة 128