كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

فإذا نظرت [445 ب] إلى معنى الزيادة في المجازاة لم يكن الشكور المطلق إلا الله، لأن زيادته في المجازاة [غير محصورة ولا محدودة] (¬1) فإن نعيم الجنة لا آخر له، وهو تعالى يقول: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} (¬2).
وإن نظرت إلى معنى الثناء فثناء كل [مثنٍ] (¬3) على غيره، والرب إذا أثنى على أعمال عبده وهو الذي هدى إليها وأعان عليها، فإنه الذي أعطى خلقه كل شيء ثم هدى.
فقد نوّه بعبده ورفعه بما أهداه له وأعطاه، ولذا يقول أهل الجنة: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34)} (¬4) يغفر ويشكر.
فائدة (¬5): يتخلق العبد من هذا الوصف أن يكون شاكراً لمن أسدى إليه إحساناً، مجازياً له بإحسانه مثنياً عليه بإنعامه.
¬__________
(¬1) في (أ): "غير محصور ولا محدود".
(¬2) سورة الحاقة: 24.
(¬3) في (أ. ب): "مثني"، والصواب ما أثبتناه.
(¬4) سورة فاطر: 34.
(¬5) انظر: "المقصد الأسنى" (ص 109).
وقال القشيري في "شرح أسماء الله الحسنى" (ص 147): ومن آداب من علم أنه شكور، فليجد في شكره ولا يفز ويواظب على حمده ولا يقصر.
والشكر على أقسام: فشكر بالبدن، وهو أن لا تستعمل جوارحك إلا في طاعته، وشكر بالقلب، وهو أن لا تستغله بغير ذكره ومعرفته، وشكر باللسان: وهو أن لا يستعمله في غير ثنائه ومدحه، وشكر بالمال: وهو أن لا ينفقه في غير رضاه ومحبته.
وقيل: الشكر هو أن لا تستعين بنعمه على معاصيه.

الصفحة 129