ويغنيه عن الوسائل والشفعاء، فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلف فهو الكريم المطلق، وذلك الله وحده فقط.
قوله: "الَّرقِيْب" (¬1) فسراه بالحافظ الذي لا يغيب عنه شيء، قال الشراح: فمن (¬2) لاحظ الشيء حتى لا يغفل عنه ولاحظه ملاحظة لازمة دائمة لزوماً لو عرفه الممنوع عنه لما أقدم عليه، سمي رقيباً وكأنه يرجع إلى العلم والحفظ، لكن باعتبار كونه لازماً دائماً، وبالإضافة إلى [448 ب] ممنوع عنه محروس عن التناول.
¬__________
(¬1) الرقيب يوصف الله - عز وجل - بأنه الرقيب، وهو من صفات الذات والرقيب اسم من أسماء الله الثابتة بالكتاب.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} [النساء: 1].
وقوله تعالى: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 117].
قال السعدي في تفسيره (5/ 301): الرقيب: المطلع على ما أكنَّته الصدور، القائم على كل نفس بما كسبت، الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير.
وقال القرطبي في "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" (1/ 401 - 402): ورقيب بمعنى راقب، فهو من صفات ذاته الراجعة إلى العلم والسمع والبصر، فإن الله تعالى رقيب على الأشياء بعلمه المقدس عن مباشرة النسيان، ورقيب للمبصرات ببصره الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ورقيب للمسموعات بسمعه المدرك بكل حركة وكلام، فهو سبحانه رقيب عليها بهذه الصفات تحت رقبته الكليات والجزئيات وجميع الخفيات في الأرضين والسماوات ولا خفي عنده، بل جميع الموجودات كلها على نمط واحد في أنها تحت رقبته التي هي من صفته، وأصل الرقبة: الحفظ، يقال: رقبت الشيء أرقبه رقوباً ورقبة ورقباناً بالكسر فيهما إذا رصدته وحفظته وحرسته ورعيته، قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق: 18] , مع قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11)} [الانفطار: 10، 11].
(¬2) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 122).