فائدة (¬1): يتخلق العبد من هذه الصفة بأن يكون مراقباً لربه، وذلك بأن يعلم أن الله رقيبه وشاهده في كل حال، ويعلم أن نفسه عدو له والشيطان عدو له ينتهزان منه الفرص حتى يحملانه على الغفلة والمخالفة؛ فيأخذ منهما حذره بمعرفته مكائدهما ومداخلهما.
قوله: "المجِيْب" (¬2) فسراه بما تراه وهو حسن، وأنه (¬3) الذي يجيب دعاء السائلين ويجيب المضطرين، بل ينعم قبل الدعاء، ويتفضل قبل النداء وليس ذلك إلا لله؛ لأنه يعلم حاجة المحتاجين قبل السؤال، بل علمها في الأزل، وقدر كفاية المحتاجين قبل ما نزل بهم من الحاجات وحلّ.
¬__________
(¬1) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 122)، "شرح القشيري لأسماء الله الحسنى" (ص 155 - 157)، "شرح أسماء الله الحسنى" للرازي (ص 280).
(¬2) الإجابة صفة فعلية ثابتة لله - عز وجل - بالكتاب والسنة، و (المجيب) اسم من أسمائه تعالى.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ} [آل عمران: 195].
وقوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61)} [هود: 61].
وقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186].
الدليل من السنة:
ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2735): "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم؛ ما لم يستعجل" وقد تقدم.
قال السعدي في تفسيره (5/ 304): " ... ومن آثاره الإجابة للداعين والإنابة للعابدين، فهو المجيب إجابة عامة للداعين مهما كانوا، وعلى أي حال كانوا، كما وعدهم بهذا الوعد المطلق، وهو المجيب إجابة خاصة للمستجيبين له، المنقادين لشرعه، وهو المجيب أيضاً للمضطرين ومن انقطع رجاؤهم من المخلوقين وقوي تعلقهم به طمعاً ورجاءً وخوفاً.
(¬3) انظر: "المقصد الأسنى" (ص 123)، "شرح أسماء الله الحسنى" للرازي (ص 282).