ومعرفة هذا الاسم موقوفة على معرفة حقيقة البعث، وقد أطال الغزالي (¬1) في تحقيقه بما فيه دقة، ثم قال: حقيقة البعث يرجع إلى إحياء الموتى بإنشائهم نشأة أخرى.
قال (¬2): والجهل هو الموت الأكبر، والعلم هو الحياة الأشرف، وقد ذكر الله العلم والجهل في الكتاب وسمَّاه حياة، وموتاً، ومن زف غيره من الجهل إلى المعرفة فقد أنشأه نشأةً أخرى، وأحياه حياة طيبة، فإن كان للعبد مدخل في إفادة الخلق ودعاؤهم إلى الله فذلك نوع من الإحياء، وهي رتبة الأنبياء - عليهم السلام - ومن ورثهم من العلماء.
قوله: "الشهيد" (¬3):
¬__________
(¬1) "المقصد الأسنى" (ص 130).
(¬2) أي الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 132).
(¬3) الشهيد: يوصف الله - عز وجل - بأنه (شهيد)، والشهيد اسم من أسمائه تعالى، وهذه الصفة ثابتة بالكتاب والسنة.
الدليل من الكتاب:
قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18].
وقوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19].
وقوله تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الرعد: 43].
الدليل من السنة:
ما أخرجه البخاري رقم (7078)، ومسلم رقم (31/ 1679) من حديث حجة الوداع وفيه: ... "اللهم اشهد! فليبلغ الشاهد الغائب ... ".
قال السعدي في تفسيره (3/ 303): "الشهيد، أي: المطلع على جميع الأشياء، سمع جميع الأصوات خفيها وجليها، وأبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها، وأحاط علمه بكل شيء، الذي شهد لعباده وعلى عباده بما عملوه".
انظر: "اشتقاق أسماء الله" للزجاجي (ص 132 - 134).