كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

هو الذي (¬1) يرد أسباب الهلاك والنقصان في الأديان والأبدان بما يخلقه من الأسباب [461 ب] المعدة للحفظ، وكل حفظ فمن ضرورية منع ودفع، فمن فهم معنى الحفيظ وقد سبق، فَهِم معنى المانع، فالمنع إضافة إلى السبب المهلك، والحفظ إضافة إلى المحروس عن الهلاك، وهو مقصود المنع وغايته، إذ كان المنع يراد للحفظ، والحفظ يراد للدفع والمنع، فكل حافظ دافع مانع، وليس كل مانع حافظاً إلا إذا كان مانعاً مطلقاً لجميع أسباب الهلاك والنقص، حتى يحصل الحفظ من ضرورته.
قوله: "الضَّارُ (¬2) النّافِع" أهمل المصنف شرحهما، وهو (¬3) الذي يصدر منه الخير والشر والنفع والضر، وكل ذلك منسوب إلى الله تعالى، إما بواسطة الملائكة والجن والجمادات أو بغير واسطة، فلا تظن أن السم يقتل ويضر بنفسه، وأن الطعام يشبع وينفع بنفسه، أو أن أشياء من المخلوقات من الإنس والجن والشياطين والأفلاك يقدر على ضر أو نفع بنفسه، بل كل ذلك أسباب مسخرة لا يصدر منها إلا ما سخر له.
¬__________
= وما أخرجه البخاري رقم (844)، ومسلم رقم (471): " ... اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ... "
انظر: "شأن الدعاء" (ص 93 - 94).
(¬1) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 155).
(¬2) قال الرازي في "شرح أسماء الله الحسنى" (ص 345): واعلم أن الجمع بين هذين الاسمين أولى وأبلغ في الوصف بالقدرة على ما شاء كما شاء، فلا نافع ولا ضار غيره.
انظر: "تحفة الأحوذي" (9/ 343)، "شأن الدعاء" (ص 94 - 95)، "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" (1/ 352 - 354).
(¬3) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 156).

الصفحة 174