هو (¬1) الذي هدى خواص عباده إلى معرفته، وهداهم بما أودعه في عجائب مخلوقاته، وهدى كل مخلوق إلى ما لا بد منه في قضاء حاجاته، كما أشار إليه قوله: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3)} (¬2)، {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)} (¬3) فإنه هدى الطفل إلى التقام الثدي عند انفصاله، وهدى الفرخ إلى التقاط الحب عند خروجه، وهدى النحل إلى بناء بيته على
¬__________
= وقوله: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)} [الفرقان: 31].
الدليل من السنة:
الحديث القدسي المشهور، حديث أبي ذر - رضي الله عنه -: " ... يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديته؛ فاستهدوني أهدكم ... " رواه مسلم (3577).
حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: " ... اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني" رواه مسلم (2696).
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في "التفسير" (5/ 305): "الهادي؛ أي: الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع وإلى دفع المضار، ويعلمهم ما لا يعلمون، ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد، ويلهمهم التقوى، ويجعل قلوبهم منيبة إليه منقادة لأمره".
وقال ابن جرير في "جامع البيان" (17/ 134): {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)} [الحج: 54] وإن الله لمرشد الذين آمنوا بالله ورسوله إلى الحق القاصد، والحق الواضح.
وقال في قوله تعالى: {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا} [الفرقان: 31]، يقول تعالى ذكره لنبيه: وكفاك يا محمد بربك هادياً يهديك إلى الحق، ويبصرك الرشد.
وانظر: "اشتقاق أسماء الله الحسنى" للزجاجي (ص 187)، "شأن الدعاء" (ص 95 - 96)، "المنهاج" للحليمي (1/ 207 - 209).
(¬1) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 157 - 158).
(¬2) سورة الأعلى: 3.
(¬3) سورة طه: 50.