وهو (¬1) الذي لا عهد بمثله، فإن لم يكن بمثله فليس ببديع مطلق، ولا يليق هذا الاسم مطلقاً إلا بالله تعالى، فإنه ليس له قبل، فيكون مثله معهوداً قبله؛ وكل موجد بعده فحاصل بإيجاده، وهو غير مناسب لموجده، فهو بديع أزلاً وأبداً.
قوله: "الباقي" (¬2) هو (¬3) الموجود الواجب وجوده بذاته، ولكنه إذا أضيف في الذهن إلى الاستقبال سمي باقياً، وإذا أضيف إلى الماضي سمي قديماً (¬4).
¬__________
= قال سبحانه: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 117] أي: خالقها ومبدعها، فهو سبحانه الخالق المخترع لا عن مثال سابق.
(¬1) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 158 - 159).
(¬2) البقاء: صفة ذاتية خاصة بالله - عز وجل - ثابتة بالكتاب العزيز.
الدليل: قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)} [الرحمن: 27].
وقد عدَّ بعضهم (الباقي) من أسماء الله تعالى، ولا دليل معهم، منهم: ابن منده في "كتاب التوحيد" (2/ 86)، والزجاجي في "اشتقاق أسماء الله" (ص 200)، وقوام السنة الأصبهاني في "الحجة" (1/ 127)، وغيرهم.
قال الأصبهاني في "الحجة" (1/ 128): "معنى الباقي: الدائم، الموصوف بالبقاء، الذي لا يستولي عليه الفناء، وليست صفة بقائه ودوامه كبقاء الجنة والنار ودوامهما، وذلك أن بقاءه أبدي أزلي، وبقاء الجنة والنار أبدي غير أزلي، فالأزلي ما لم يزل، والأبدي ما لا يزال، والجنة والنار كائنتان بعد أن لم تكونا".
وقال ابن تيمية في "مجموع فتاوى" (5/ 99): قال أبو بكر الباقلاني: "صفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفاً بها هي: الحياة، والعلم ... والبقاء، والوجه، والعينان ... ".
(¬3) قاله الغزالي في "المقصد الأسنى" (ص 159 - 160).
(¬4) القدم: يُخْبَرُ عن الله - عز وجل - بأنه قديم، لا صفة له، والقديم ليس اسماً له.
قال ابن القيم في "بدائع الفوائد" (1/ 162): " ... ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفاً؛ كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه".
انظر تفصيل ذلك في "مجموع فتاوى" (9/ 300 - 302)، "الحجة على المحجة" (1/ 93)، "الاعتقاد" للبيهقي (ص 68).