كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

3 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: دَعَا رَجُلٌ فَقَالَ: اللهمَّ إِنِّي أسأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمْدَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ المَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَواتِ والأَرْضِ ذُو الجَلاَلِ والإِكْرامِ. يا حَيُّ يا قَيُّومُ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَدْرُونَ بِما دَعا؟ ". قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "والَّذِي نَفْسِي بِيَده، لَقَدْ دَعَا الله بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ، الّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذا سُئِلَ بِهِ أً عْطَى". أخرجه أصحاب السنن (¬1). [صحيح]
قوله: "في حديث أنس: لقد دعا الله باسمه الأعظم" هذا لا ينافي ما سبق من حديث بريدة؛ لأنه يحتمل تعدد اسمه الأعظم، وكذلك ما يأتي من حديث أسماء بنت يزيد أنه في الآيتين آية البقرة وآية آل عمران.
واعلم أن هذه الأحاديث أثبتت بأن لله تعالى أسماء أعظم، وقد أنكر ذلك قوم كأبي جعفر الطبري وأبي الحسن الأشعري وجماعة، فقالوا: لا يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض، قالوا: لأن ذلك يؤذن باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل [410 ب] , وحملوا ما ورد في ذلك على أن المراد بالأعظم. العظيم وأسماء الله كلها عظيمة.
قال ابن حبان (¬2): الأعظمية الواردة في الأخبار إنما يراد بها مزيد الثواب الداعي بذلك، وقيل: المراد بالاسم الأعظم كل اسم من أسماء الله دعا العبد به ربه مستغرقاً بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله، فإن من تأتَّى له ذلك استجيب له.
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود رقم (1495)، والترمذي رقم (3544) , وابن ماجه رقم (3858)، والنسائي رقم (1300).
وأخرجه أحمد (5/ 349، 360) , وابن حبان في صحيحه رقم (890)، والحاكم في "المستدرك" (1/ 504). وهو حديث صحيح، والله أعلم.
(¬2) ذكره الحافظ في "الفتح" (11/ 224).

الصفحة 54