كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

قال القاضي (¬1): واختلف في هذا المعنى الذي في الكلب حتى منع من دخول الملائكة البيت الذي هو فيه؛ فقيل: لكونها نجسة العين. وقيل: لكونها من الشياطين. وقيل: لأجل النجاسة تعلق بها فإنها تكثر أكل النجاسة وتتلطخ بها فتنجس ما تعلقت به.
وقوله: "ولا تماثيل" في رواية: "ولا تصاوير"، وفي أخرى: "ولا صورة". قال الخطابي (¬2): والصورة التي [362/ أ] لا تدخل الملائكة البيت التي هي فيه، هو ما يحرم اقتناؤه, وهو أن يكون من الصور التي فيها روح مما لم يقطع رأسه ولم يمتهن.
قال الحافظ في "الفتح" (¬3): وقد استشكل كون الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه التصاوير مع قوله تعالى عند ذكر سليمان - عليه السلام -: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} (¬4) [237 ب] وقد قال مجاهد: كانت صوراً من نحاس. أخرجه الطبري (¬5).
وقال قتادة: كانت من خشب ومن زجاج. أخرجه عبد الرزاق (¬6).
والجواب (¬7): أن ذلك كان جائزاً في تلك الشريعة, وكانوا يعملون أشكال الأنبياء - عليهم السلام - والصالحين منهم على هيئتهم في العادة ليقتدوا بعبادتهم. وقد قال أبو العالية (¬8): لم يكن ذلك في شرعهم حراماً، وقد جاء شرعنا بالنهي عنه. ويحتمل أن يقال: إن التماثيل التي ذكرت
¬__________
(¬1) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (6/ 629 - 630).
(¬2) في "معالم السنن" (4/ 384).
(¬3) في "فتح الباري" (10/ 382).
(¬4) سورة سبأ: 13.
(¬5) في "جامع البيان" (19/ 230، 231).
(¬6) في تفسيره (2/ 104).
(¬7) ذكره الحافظ في "الفتح" (10/ 382).
(¬8) ذكره الحافظ في "الفتح" (10/ 382).

الصفحة 654