كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

قوله: "يحب الوتر" قال عياض (¬1): معناه: أن الوتر في اللغة بضد الشفع في أسمائه؛ لأنه دال على الوحدانية في صفاته، وقيل: لأنه أمر بالوتر في كل شيء كالصلوات الخمس والطواف وأعداد الطهارة، وفي المخلوقات؛ كالسماوات السبع والأرض.
قوله: "وفي رواية: من أحصاها دخل الجنة".
قلت: لفظ: "حفظها" و"أحصاها" كلاهما للشيخين، فالآخر لمسلم.
قال الخطابي (¬2) - ما معناه -: الإحصاء في مثل هذا يحتمل وجوهاً، أحدها: أن يعدها حتى يستوفيها، يريد أن لا يقتصر على بعضها، بل يدعو الله بها كلها ويثني عليه بجميعها، فيستوجب الموعود عليها من الثواب.
ثانيها: المراد بالإحصاء الإطاقة، كقوله: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} (¬3)، ومنه حديث: "استقيموا ولن تحصوا" (¬4)، أي: تبلغوا [416 ب] كنه الاستقامة.
والمعنى: من أطاق القيام بحق هذه الأسماء والعمل بمقتضاها، وهو أن يعتبر معانيها فيلزم نفسه اعتقادها، فإذا قال: الرزاق؛ وثق بالرزق، وكذلك سائر الأسماء.
ثالثها: المراد بالإحصاء: الإحاطة بمعانيها، من قول العرب: فلان ذو حصاةٍ، أي: ذو عقل ومعرفة.
¬__________
= وانظر: "الاعتقاد" للبيهقي (ص 68).
(¬1) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (8/ 177) بتصرف من الشارح.
(¬2) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (11/ 225).
(¬3) سورة المزمل: 20.
(¬4) أخرجه أحمد (5/ 276 - 277)، وابن ماجه رقم (277) من حديث ثوبان قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن". وهو حديث صحيح.

الصفحة 67