كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

قوله: "وعن الشعبي" أقول: هو عامر بن شراحيل الشعبي، تابعي جليل (¬1) القدر، فقيه كبير، قال: أدركت خمس مائة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أكثر. مات سنة أربع ومائة، وله اثنتان وثمانون سنة. إذا عرفت هذا فحديثه هذا [252 ب] مرسل، ومعناه معنى حديث عائشة الذي قبله، إلا أنه عين هنا موضع التقبيل، وأنه بين عينيه، إلا أن لفظ ابن الأثير (¬2): "قبل ما بين عينيه". واحتج الثوري (¬3) بهذا الحديث على مالك بن أنس (¬4) في جواز المعانقة، وذهب مالك إلى أنه مخصوص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. وما ذهب إليه سفيان (¬5) من حمل الحديث على عمومه أظهر. وأما المصافحة باليد؛ ففيها أحاديث، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تمام تحيتكم المصافحه" (¬6)، وقوله: "إن أهل اليمن قد سنوا لكم المصافحة" (¬7)، وقد أطال في "فتح الباري" (¬8) في جواز ذلك.
¬__________
(¬1) قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول" (2/ 625 - 626 - قسم التراجم).
(¬2) في "الجامع" (5/ 34 رقم 3028).
(¬3) انظر: "موسوعة سفيان الثوري" (ص 260).
(¬4) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (2/ 347 - 348).
(¬5) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (2/ 347 - 348).
(¬6) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (2731) عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته - أو قال: على يده - فيسأله كيف هو، وتمام تحياتكم بينكم المصافحة".
وهو حديث ضعيف، والله أعلم.
(¬7) أخرج أحمد (3/ 251) عن أنس قال: إنه لما أقبل أهل اليمن؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد جاءكم أهل اليمن هم أرق منكم قلوباً" قال أنس: وهم أول من جاء بالمصافحة. بإسناد صحيح.
(¬8) (11/ 54 - 55).

الصفحة 685