كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

(كتاب السحر)
أقول: قال الرازي: السحر (¬1) في عرف الشرع يختص بكل أمر يخفى سببه، ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع، وإذا أطلق ذم فاعله، وقد يستعمل مقيداً فيما يمدح ويحمد نحو خبر: "إن من البيان لسحراً" (¬2)، أو "إن بعض البيان سحراً" لأن بعضه يوضح المشكل، ويكشف عن حقيقة المجمل بحسن بيانه, فيستميل القلوب كما تستمال بالسحر (¬3).
قوله: "والكهانة" (¬4) أقول: بفتح الكاف ويجوز كسرها: ادعاء علم الغيب.
قال القاضي (¬5): كانت الكهانة في العرب على ثلاثة أضرب:
أحدها أن يكون للإنسان ولي من الجن من يخبره بما [265 ب] يسترقه من السماء. وهذا القسم بطل من حين مبعث نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
الثاني: أن يخبره بما يطرأ ويكون في أقطار الأرض، وما خفي [عليه] (¬6) مما قرب أو بعد. وهذا لا يبعد وقوعه، [ومنعت] (¬7) المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوهما، ولا
¬__________
(¬1) انظر: "الكليات" (3/ 5)، "مفردات ألفاظ القرآن" (331)، "التعريفات" (ص 399).
(¬2) أخرجه البخاري رقم (5767)، ومسلم رقم (2006).
(¬3) انظر: "النهاية" (1/ 759)
(¬4) قال ابن الأثير في "النهاية" (2/ 573): الكاهن: الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار.
وانظر: "المجموع المغيث" (3/ 94).
(¬5) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (7/ 154).
(¬6) كذا في (أ. ب)، والذي في "الإكمال": "عنه".
(¬7) كذا في (أ. ب)، والذي في "الإكمال": "ونفت".

الصفحة 713