كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

استحالة في ذلك، ولا بعد في وجوده، ولكنهم يصدقون ويكذبون، والنهي عن تصديقهم [وإتيانهم] (¬1) عام.
[و] (¬2) الثالث: المنجمون، وهذا الضرب يخلق الله فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيه أغلب، ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عرَّاف. وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب [وعلامات] (¬3) يدعي معرفتها بها. وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة وقد أكذبهم ونهى عن إتيانهم وتصديقهم.
قوله في حديث أبي هريرة: "من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر" أي: [قد] (¬4) فَعَلَ فِعْلَ السحرة، وهو من قوله تعالى: {النَّفَّاثَاتِ (¬5) فِي الْعُقَدِ (4)} (¬6) أي: النساء السواحر اللواتي ينفثن في العقد يتكلمن بشيء من الكلمات المخالفة للشريعة التي هن كلمات كفرية ثم ينفثن، والنفث دون النفخ، ثم يعقدن ما نفثن فيه فيكون بإذن الله سحراً.
3 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سُحِرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهْوَ عِنْدِي دَعَا الله ثُمَّ دَعَاهُ, ثُمَّ قَالَ: "أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ الله قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا استَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟ " قُلْتُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "جَاءَنِي رَجُلاَنِ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ.
¬__________
(¬1) كذا في (أ. ب)، والذي في "الإكمال": "والسماع منهم".
(¬2) زيادة من (ب).
(¬3) كذا في (أ. ب)، والذي في "الإكمال": "ومقدمات".
(¬4) زيادة من (أ).
(¬5) قال ابن جرير في "جامع البيان" (24/ 749): وقوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)} [الفلق: 4] يقول: ومن شر السواحر اللاتي ينفثن في عقد الخيط، حين يرقين عليها.
(¬6) سورة الفلق: 4.

الصفحة 714