كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

النوم والموت ولا يعرفون ذلك فيهما، بل وصف لهم الجنة ونعيمها وأخبرهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن: "فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب" (¬1) وهذا شيء كثير.
وأما الفائدة في ذلك: فليعرف في وصفه بالعلم والقدرة بأن له الكمال الذي تثبتونه أنتم للمخلوقين من العالم والقادر، ولكنه علم غير العلم الذي تثبتونه كما ذكرناه، وقادر قدرة غير ما تعرفونها [421 ب] فإنه بقدرته أمسك السماوات والأرض أن تزولا، ويوضحه حديث: "إن قيراط ربنا مثل أحد" (¬2)، وقول ابن عباس: "قليل لقيراط ربنا أن يكون كأحد".
وبالجملة: فكل أمر وصف به (¬3) تعالى أو أضيف إليه فهو فوق ما تتخيله الأوهام وتحوم حوله الأفهام، فمعاني صفاته إنما تفسر بالتقريب وضرب الأمثال، فهذا الذي ستسمعه
¬__________
(¬1) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله - عز وجل -: أعددت لعبادي الصالحين: ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، واقرءوا إن شئتم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] ".
[أخرجه البخاري رقم (3244)، ومسلم رقم (2824)، والترمذي رقم (3197)، والنسائي في "الكبرى" رقم (11085)].
(¬2) أخرجه أحمد (5/ 278)، ومسلم رقم (946)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 413)، وفي شعب الإيمان رقم (9244)، كلهم من حديث ثوبان.
وهو حديث صحيح.
(¬3) وإليك بعض القواعد العامة في الصفات:
القاعدة الأولى:
"إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل". لأن الله أعلم بنفسه من غيره، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق بربه.
انظر: "مجموع فتاوى" (3/ 3)، (4/ 182)، (5/ 26 - 28). =

الصفحة 72