كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

قوله في حديث ابن مسعود: "اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر" أقول: هذه شركة الأبدان [301 ب] وهي صحيحة عند الثوري وأصحاب الرأي (¬1)، وهذا الحديث حجة لهم، واحتج به أحمد بن حنبل (¬2) فأثبت شركة الأبدان [301 ب] وأثبتها الهادوية (¬3): وهي أن يكون الشريكان خياطين، أو قصارين، فيعملان أو يعمل كل واحد منهما منفرداً، أو يكون أحدهما خياطاً والآخر جزاراً أو حداداً، سواء اتفقت الصناعات أو اختلفت، فكل ما أصاب أحدهما من أجرة على عمله كان صاحبه شريكه فيها، ويشتركان على أن ما يكسبه كل واحد منهما بينهما وإن لم يكن العمل معلوماً، إلا أن بعضهم قال: لا يدخل فيه الاصطياد والاحتشاش وغيرهما. وقاسوهما على المضاربة.
وأبطل شركة الأبدان الشافعي (¬4) وأبو ثور.
¬__________
= وسكت الحافظ في التلخيص (3/ 49 - ط. المعرفة)، فلم يحسن، قلت: وهناك علة أخرى وهي تدليس أبو إسحاق، وأبو عبيدة وكلاهما من المدلسين الذين لا يقبل حديثهم إلا إذا صرحوا بالسماع ولم يصرحا بالسماع هنا. [الإرواء رقم 1474].
وخلاصة القول: أن الحديث ضعيف والله أعلم.
(¬1) "بدائع الصنائع" (6/ 63)، "شرح فتح القدير" (6/ 172).
(¬2) "المغني" (7/ 111 - 120).
(¬3) "البحر الزخار" (4/ 91).
(¬4) "البيان" (6/ 372)، "المهذب" (3/ 334 - 335).
قال ابن حزم في "المحلى" (8/ 122): "لا تجوز الشركة بالأبدان أصلاً لا في دلالة، ولا في تعليم، ولا في خدمة، ولا في عمل يد، ولا في شيء من الأشياء، فإن وقعت فهي باطل لا تلزم، ولكل واحد منهم أو منهما ما كسب، فإن اقتسماه وجب أن يُقْضَى له بأخذه ولا بد لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل".
ثم قال: (8/ 123 - 124): "وهذا عجب عجيب، وما ندري على ماذا يحمل عليه أمر هؤلاء القوم؟ ونسأل الله السلامة من التمويه في دينه تعالى بالباطل. =

الصفحة 788