كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 4)

قوله: "وإن في الشعر حكماً" أقول: قولاً صادقاً مطابقاً للحق، وهو ما فيه المواعظ والأمثال (¬1).
3 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَأنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا حَتَّى يَرِيَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلئَ شِعْراً". أخرجه الخمسة (¬2) إلا النسائي. [صحيح]
وفي أخرى لمسلم (¬3) عن الخدريّ: بَيْنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَسِيرُ إذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يُنْشِدُ.
فقال - صلى الله عليه وسلم -: خُذُوا الشَّيْطَانَ، أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ. وذكر نحوه. [صحيح]
"القَيْحُ": الصديد الذي يسيل من الدمل والجرح (¬4).
ومعنى "يَرِيَهُ" يأكله.
قوله في حديث أبي هريرة: "حتى يريه" أقول: بفتح حرف المضارعة، وكسر الراء من الوَرْى وهو داء (¬5) يعتري الجوف وقوله: "خير له من أن يمتلئ شعراً" قال في "التوشيح": هو من المذموم دون الممدوح. وقيل (¬6): خاص بشعر هُجي به النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: إنه ورد في أقوامٍ كان لهم غاية الإقبال على الشعر فبولغ فيه زجراً لهم عنه ليقبلوا على القرآن والذكر والعبادة.
¬__________
(¬1) قاله الحافظ في الفتح (10/ 540).
(¬2) أخرجه البخاري رقم (6155)، ومسلم رقم (2257).
وأبو داود رقم (5009)، والترمذي رقم (2851)، وابن ماجه رقم (3759)، وهو حديث صحيح.
(¬3) في "صحيحه" رقم (9/ 2259).
(¬4) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع" (5/ 165).
(¬5) قال ابن الأثير في "النهاية" (2/ 843): هو من الوَرْى: الدَّاء، يقال: وُرِيَ يوري فهو مَوْرِيٌّ، إذا أصاب جوفه الدَّاء.
وانظر "غريب الحديث" للخطابي (2/ 184).
(¬6) ذكره النووي في "شرح صحيح مسلم" (15/ 14).

الصفحة 794