كتاب التدريب في الفقه الشافعي (اسم الجزء: 4)

فصل (¬1)
تجبُ النفقةُ لقرابةِ البعضيةِ فيجبُ للفروعِ على الأصولِ وبالعكسِ، وسواءٌ فِي الأصولِ والفروعِ الذكورِ والإنات، والوارث وغير الوارث والمسلم والكافر من الطرفينِ، والعالي من الأصولِ والسافلِ من الفروعِ إذا كان الذي يجبُ عليه موسرًا، وهو من يفضلُ عن قوتِه وقوتِ عيالِه فِي يومِهِ وَلَيْلَتِهِ ما يصرفُه إلى القريبِ (¬2).
ولا يختصُّ بالقوتِ بل يعم الواجباتِ.
قال القاضي الحسينُ: لا يلزمُ أحدًا نفقةُ أحدٍ من الأقرباءِ حتى يفضلَ من مؤنتهِ من طعامِه ومسكنِه وملبسِه وما يُقامُ عليه ويستعملُه فِي وضوئهِ وأكله وشربِه ما لاغناءَ لمثلهِ عنهُ، فإنْ وقَعَ لهُ خلل فِي شيءٍ من هذا فلا يكلَّفُ نفقةَ ابنٍ ولا أبٍ، لأنَّها مواساةٌ والمواساةُ إنما تليقُ بمن يفضلُ عن حاجةِ ما هُوَ معهُ، وإلَّا فهو محتاجٌ للمواساةِ. انتهى.
ويباعُ فِي نفقةِ القريبِ ما يُباعُ فِي الدَّيْنِ مِنْ عقارٍ وغيرِهِ؛ لأنَّ نفقةَ القريبِ مقدَّمةٌ على وفاء الدينِ، وهما يباعانِ فِي الدَّيْنِ، ففيما هو مقدَّمٌ عليه أوْلَى لما فيهِ من حفظ الروح (¬3).
وإذا لم يكنْ لمن تجبُ عليه نفقةُ القريبِ مالٌ، لكنه كسوبٌ يمكنه أن يكتسبَ ما يفضلُ عنه، فيلزمُه أن يكتسبَ لنفقةِ قريبِهِ لأنَّه يلزمُه إحياءُ نفسِه
¬__________
(¬1) هذا الفصل هو الباب الرابع عند النووي "روضة الطالبين" (9/ 83) وهو باب في النفقة على الأقارب.
(¬2) "روضة الطالبين" (9/ 83).
(¬3) "روضة الطالبين" (9/ 83).

الصفحة 23