كتاب التدريب في الفقه الشافعي (اسم الجزء: 4)

فأعينيني. وذكرتْ عائشةُ القصةَ للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقرَّ على الكتابَةِ.
وجاءت أحاديثُ كثيرةٌ تدلُّ على أنَّها مشروعةٌ، فَعَلَها جمعٌ من الصحابةِ وغيرُهُم، وذلك إجماعٌ، فتستحبُّ إذا طلبَها الرَّقيقُ البالغُ العاقلُ الكسوبُ الأمينُ، ممنْ تصحُّ منه الكتابةُ (¬1).
والصارِفُ عن ظاهرِ {فَكَاتِبُوهُمْ} أنَّه أمرٌ بعد حظر (¬2)، من جهة أنَّه عوضٌ ملكَهُ بملكِهِ، فتحوَّلَ بها حكمُ الرَّقيقِ عمَّا كان عليه، فكان كقولهِ {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} ونحوه، فلا وجوبَ، وقد أشارَ إلى ذلكَ الشافعي رضي اللَّه عنه في "الأمِّ"، وجاءَ الندبُ من قضيةِ القربةِ، وفي قولٍ: تجبُ.
ولا تستحبُّ عندَ فقد الأمانَةِ أو الكسبِ، ولا تكرهُ (¬3)، ولو فُقِدَا على الأصحِّ، ولا يُجبرُ الرقيقُ عليها مطلقًا قطعًا.
ومدارُ البابِ على معرفةِ مَن يوجب الكتابةَ ومن يقبلها، والصيغةُ، والعوض، والأحكامُ المترتبةُ على ذلك (¬4).

أما مَن يوجبُ الكتابَةَ: فهو المالكُ الحرُّ المتأهلُ لذلكَ (¬5)، أو وكيلُهُ، فيبطلُ من غيرِ المالكِ، ومنه وليُّ الصبيِّ والمجنونِ والسفيهِ، أبًا كانَ أو جدًّا أو وصيًّا أو حاكمًا، إلَّا في صورةٍ واحدَةٍ، فتصحُّ، وهي: الإمامُ يُكاتِبُ عبدَ
¬__________
(¬1) "منهاج الطالبين" (ص 364)، و"تحفة المحتاج" (10/ 390)، و"مغني المحتاج" (6/ 483).
(¬2) في الأصل: "خطر"!
(¬3) يعني لا تكره بحال، فهي مباحة. . راجع تحفة المحتاج ومغني المحتاج. المواضع السابق.
(¬4) "روضة الطالبين" (12/ 216).
(¬5) "روضة الطالبين" (12/ 217).

الصفحة 446