كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 4)

3214 - عن جابرٍ - رضي الله عنه - قال: كُنَّا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بمَرِّ الظَّهْرانِ نَجْني الكَباثَ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "عليكُمْ بالأسودِ منهُ فإنَّهُ أطيبُ". فقيلَ: كنتَ ترعَى الغنمَ؟ فقال: "نعمْ، وهلْ مِنْ نبيٍّ إلَّا رَعاها".
"وعن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال: كنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَمرِّ الظَّهْران"، اسمُ موضعٍ قريب من المدينة.
"نجني الكَباثَ"، وهو - بفتح الكاف -: النضيجُ منَ ثَمرِ الأراك.
"فقال: عليكم بالأَسْوَد منه"؛ أي: اقصِدُوا ما كان أسودَ من الكَبَاث.
"فإنه أَطْيَبُ"؛ أي: أكثرُ لَذَّةً.
"فقيل: كنتَ تَرْعَى الغنم؟ "؛ يعني هل كنتَ راعيَ الغنم حتى تعرِفَ الأطيبَ من غيره؟ فإن الراعيَ لكثرة تردُّده في الصحراء أعرَفُ به من غيره.
"قال: نعم، وهل من نبيٍّ إلا رعاها"، أراد به: أن الله تعالى لم يضَع النبوةَ في أبناء الدنيا وملوكِها، ولكن في رِعاءِ الشَّاء، وأهلِ التواضع من أصحاب الحِرَف، كما روي أن أيوب - عليه السلام - كان خَيَّاطًا، وزكريا كان نجارًا، وغير ذلك، ورعاية موسى عليه السلام لشعيبٍ عليه السلام مشهورةٌ.
قيل: الحكمةُ في رَعْيهم الغنمَ تحصيلُ التواضعِ بمؤانسة الضعفاء، وتصفية قلوبهم بالخَلْوة.

3215 - عن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: رأيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُقْعِيًا يأكُلُ تَمرًا.
وفي روايةٍ: يأكُلُ منهُ أكلاً ذَريعًا.
"عن أنسٍ قال: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُقْعِيًا"، من الإقعاء وهو الجلوس على الوركين.

الصفحة 550