كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 4)

"عن أبي أيوبَ - رضي الله تعالى عنه - قال: كانَ رسولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا أكلَ أو شَرِبَ قال: الحمدُ لله الذي أطعمَ وسقى وسَوَّغه"؛ أي: سهَّل دخولَ الطعام والشرابِ في الحَلْق.
"وجعلَ له مَخْرَجًا"؛ أي: السَّوْأَتين؛ ليُخرِجَ منهما الفَضْلَة، فإنه تعالى جعل للطعام مقامًا في المعدة زمانًا كي تنقسمَ مضارُّه ومنافعُه، ليبقى ما يتعلَّقُ بالقوة واللَّحْم والدم والشَّحْم، وتندفع الفَضْلَة، وذلك من عجائب فضلِ الله تعالى ولطفهِ بمخلوقاته، فتبارك الله أحسنُ الخالِقين.

3238 - عن سلمانَ قال: قرأتُ في التَّوراةِ أنَّ بَركةَ الطعامِ الوُضوءُ بعدَهُ، فذكرتُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "بَركةُ الطَّعامِ الوُضوءُ قبلَهُ والوُضوءُ بعدَهُ".
"عن سلمان - رضي الله تعالى عنه - قال: قرأتُ في التوراة: أنَّ بركةَ الطعامِ الوضوءُ بعدَه"، المراد من الوضوء هنا: غسلُ اليدين والفمِ من الزُّهومة إطلاقًا للكل على الجزء.
"فذكرتُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: بركةُ الطعامِ الوضوءُ قبلَه والوضوءُ بعدَه"، أمَّا الوضوءُ قبلَه؛ فلأنه تعظيمٌ لنعمة الله تعالى، فيبارَكُ له فيه، أو لأن الأكلَ مع غَسْلِ اليدين أهنَأُ وأمرَأُ، وأما بعدَه فلأنه لو لم يغسِل يديه لا يأمَن المَسَّ.

3239 - عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خرجَ مِنَ الخَلاءَ فقُدِّمَ إليهِ طعامٌ فقالوا: ألا نأتِيكَ بوَضُوءٍ؟ قال: "إنَّما أُمِرْتُ بالوُضوءَ إذا قُمتُ إلى الصَّلاةِ".

الصفحة 560