كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 4)

3273 - وعن أبي سعيدٍ - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثلُ المؤمِنِ ومثلُ الإِيمانِ كمثلِ الفَرَسِ فِي آخِيَّتِهِ يجُولُ ثمَّ يرجِعُ إلى آخِيَّتِهِ، فإنَّ المؤمِنَ يَسْهُو ثمَّ يرجعُ إلى الإيمانِ، فأطعِمُوا طعامَكُم الأتقياءَ وأَوْلُوا مَعروفَكُم المؤمنِينَ".
"عن أبي سعيد - رضي الله تعالى عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: مَثَلُ المؤمنِ ومَثَلُ الإيمانِ كمَثَلِ الفَرَسِ في آخِيَّتهِ". بفتح الهمزة الممدودة وكسر الخاء وفتح الياء المشددة: عروةُ حبلٍ في وَتِدٍ، وعُوَيْدٌ يدُفَن طرفاه في حائط أو أرض، فيصيرُ وسطُه كالعُرْوة ويُشَدُّ فيها الدابة في المَعْلَف.
"يجولُ، ثم يرجِعُ إلى آخِيَّتهِ"، والمعنى: أن المؤمنَ يبعدُ عن ربه بالذُّنوب، وأصلُ إيمانه ثابتٌ، ثم يعودُ ويقرب بالآخرة إليه بالندم والتوبة، ويتلاَفى ما فَرَّطَ فيه وهو المراد بقوله: "وإنَّ المؤمن يسهو، ثم يرجِعُ إلى الإيمان"، أو المرادُ بالإيمان شُعَبُه كالصلاة والزكاة وغيرهما، فكما أن الفرسَ يَبعُدُ عن آخِيَّتهِ ثم يعودُ إليها، فكذا المؤمن قد يتركُ بعضَ شُعَب الإيمان، ثم يتدارك ما فاته ويندَمُ على ما فعلَ من التقصير.
"فأطعِمُوا طعامَكم الأتقياءَ وأَولُوا معروفَكم"؛ أي: أعطُوا إحسانكَم وعطيَّتَكم "المؤمنين".
* * *

3274 - عن عبدِ الله بن بُسْرٍ قال: كانَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَصْعة يحمِلُها أربعةُ رجالٍ، يقال لها الغَرَّاءُ، فلمَّا أضْحَوْا وسجَدُوا الضُّحَى أُتيَ بتلكَ القَصْعَةِ - يعني وقد ثُرِدَ فيها - فالتفُّوا عليها، فلمَّا كَثُروا جثَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال أعرابيٌّ: ما هذه الجِلْسَةُ؟ فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله جَعَلَني عبدًا كريمًا، ولم يجعَلْني جبَّارًا

الصفحة 581