كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 4)

3285 - عن جابرٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ على رجُلٍ مِنَ الأنصارِ ومعَهُ صاحِبٌ لهُ، فسلَّمَ، فردَّ الرجُلُ، وهو يُحوِّلُ الماءَ في حائطٍ، فقالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ كانَ عِندَكَ ماءٌ باتَ في شَنَّةٍ وإلاَّ كَرَعْنا". فقال: عِندِي ماءٌ باتَ في شَنٍّ. فانطلقَ إلى العَريشِ فسكبَ في قَدَحٍ ماءً، ثمَّ حَلَبَ عليهِ مِنْ داجِنٍ، فشرِبَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمّ أعاد فشرِبَ الرجُلُ الذي جاءَ مَعَهُ.
"عن جابرٍ - رضي الله تعالى عنه -: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ على رجلٍ من الأنصار ومعه صاحبٌ له فسلَّم"؛ أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -.
"فردَّ الرجلُ وهو يحوِّلُ الماءَ"؛ أي: ينقلُه من عمقِ البئرِ إلى ظاهرِها، وقيلَ: مِن جانبٍ إلى آخرَ.
"في حائط"؛ أي: في بستانٍ.
"فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إن كان عندك ماءٌ باتَ في شَنَّةٍ"، بفتح الشين المعجمة وفتح النون المشددة هي القِرْبَة العتيقة، وهي أشد تبريدًا للماء من الجديدة.
"وإلا"؛ أي: وإن لم يكن عندَك ماءٌ بات في شَنَّة.
"كَرَعْنا"؛ أي: شَرْبنا من الساقية، يقال: كَرَعَ في الماء يكرَعُ كُروعًا: إذا تناولَه من النهر ونحوه بلا كَفٍّ ولا إناءٍ، كشُرْب البهائم لإدخالهِا أكارِعَها؛ أي: قوائمَها فيه.
"فقال: عندي ماءٌ بات في شَنٍّ، فانطلقَ"؛ أي: ذهب الرجلُ "إلى العَرِيش"، وهو المسقف من البستان بالأغصان، وأَكْثُره بالكروم.
"فسكَبَ"؛ أي: صبَّ "في قدحِ ماءٍ، ثم حلبَ عليه مِن داجِنٍ"، وهي الشاةُ الحَلُوب التي تعلِفُ في المنازل، يقال: شاةٌ داجِنٌ، ودَجنَت تَدجُن دُجُونًا إذا أَلِفَتِ البيوتَ واستأنسَتْ.

الصفحة 589