كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 4)

" صفحة رقم 141 "
لو تأخر من حسابهم لكان في موضع النعت لشيء فلما تقدّم انتصب على الحال و ) عَلَيْكَ ( في موضع الخبر لما إن كانت حجازية ، وأجزنا توسط خبرها إذا كانت ظرفاً أو مجروراً وفي موضع خبر المبتدإ إن لم نجز ذلك أو اعتقدنا أن ما تميمية وأما في ) مِنْ حِسَابِكَ ( فقيل : هو في موضع نصب على الحال ويضعف ذلك بأن الحال إذا كان العامل فيها معنى الفعل لم يجز تقديمها عليه خصوصاً إذا تقدمت على العامل وعلى ذي الحال . وقيل : يجوز أن يكون الخبر ) مِنْ حِسَابِكَ ( و ) عَلَيْهِمْ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِىّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء وَمَا مِنْ حِسَابِكَ ( على هذا تبيينااً لا حالاً ولا خبراً وانظر إلى حسن اعتنائه بنبيه وتشريفه بخطابه حيث بدأ به في الجملتين معاً فقال : ) مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء ( ثم قال : ) وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شَىْء ( فقدم خطابه في الجملتين وكان مقتضى التركيب الأول لو لوحظ أن يكون التركيب الثاني ) وَمَا عَلَيْهِمْ مّنْ حِسَابِكَ مِن شَىْء ( لكنه قدم خطاب الرسول وأمره تشريفاً له عليهم واعتناء بمخاطبته وفي هاتين الجملتين رد العجز على الصدر ، ومنه قول الشاعر : وليس الذي حللته بمحلل
وليس الذي حرمته بمحرّم
) فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ( الظاهر أن قوله : ) فَتَطْرُدَهُمْ ( جواب لقوله ) مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مّن شَىْء ( يكون النصب هنا على أحد معنيي النصب في قولك : ما تأتينا فتحدّثنا لأن أحد معنيي هذا ما تأتينا محدثاً إنما تأتي ولا تحدث ، وهذا المعنى لا يصح في الآية والمعنى الثاني ما تأتينا فكيف تحدثنا ؟ أي لا يقع هذا فكيف يقع هذا وهذا المعنى هو الذي يصح في الآية أن لا يكون حسابهم عليك فيكون وقع الطرد ، وأطلقوا جواب أن يكون ) فَتَطْرُدَهُمْ ( جواباً للنفي ولم يبينوا كيفية وقوعه جواباً والظاهر في قوله : ) فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ( أن يكون معطوفاً على ) فَتَطْرُدَهُمْ ( والمعنى الإخبار بانتفاء حسابهم وانتفاء الطرد والظلم المتسبب عن الطرد ، وجوّزوا أن يكون ) فَتَكُونُ ( جواباً للنهي في قوله : ) وَلاَ تَطْرُدِ ( كقوله : ) لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ( وتكون الجملتان وجواب الأولى اعتراضاً بين النهي وجوابه ، ومعنى ) مِنَ الْظَّالِمِينَ ( من الذين يضعون الشيء في غير مواضعه .
2 ( ) وَكَذالِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَاؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِأايَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الاٌّ يَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ قُلْ إِنِّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَآءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّى عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّى وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للَّه

الصفحة 141