كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 4)

" صفحة رقم 156 "
لبست أناساً فأفنيتهم
وغادرت بعد أناس أناسا
وهي عبارة عن الخلطة والمعايشة .
( وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ( البأس الشدة من قتل وغيره والإذاقة والإنالة والإصابة هي من أقوى حواس الاختبار وكثر استعمالها في كلام العرب وفي القرآن قال تعالى : ) ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ ). وقال الشاعر : أذقناهم كؤوس الموت صرفا
وذاقوا من أسنتنا كؤوسا
وقرأ الأعمش : ونذيق بالنون وهي نون عظمة الواحد وهي التفات فأئدته نسبة ذلك إلى الله على سبيل العظمة والقدرة القاهرة .
( انْظُرْ كَيْفَ نُصَرّفُ الاْيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ ( هذا استرجاع لهم ولفظة تعجب للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) والمعني إنا نسألك في مجيء الآيات أنواعاً رجاء أن يفقهوا ويفهموا عن الله تعالى ، لأن في اختلاف الآيات ما يقتضي الفهم إن غربت آية لم تعزب أخرى .
الأنعام : ( 66 ) وكذب به قومك . . . . .
( وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ ( قال السديّ : ) بِهِ ( عائد على القرآن الذي فيه جاء تصريف الآيات . وقال الزمخشري : ) بِهِ ( راجع إلى العذاب وهو الحق أي لا بد أن ينزل بهم . وقال ابن عطية : ويحتمل أن يعود على الوعيد الذي تضمنته الآية ونحا إليه الطبري . وقيل : يعود على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) وهذا لقرب مخاطبته بعد ذلك بالكاف ؛ انتهى . وقرأ ابن أبي عبلة : وكذبت به قومك بالتاء ، كما قال : كذبت قوم نوح والظاهر أن قوله : ) وَهُوَ الْحَقُّ ( جملة استئناف لا حال .
( قُل لَّسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ( أي لست بقائم عليكم لإكراهكم على التوحيد . وقيل : ) بِوَكِيلٍ ( بمسلط وقيل : لا أقدر على منعكم من التكذيب إجباراً إنما أنا منذر . قال ابن عطية : وهذا كان قبل نزول الجهاد والأمر بالقتال ثم نسخ . وقيل : لا نسخ في هذا إذ هو خبر والنسخ فيه متوجه لأن اللازم من اللفظ لست الآن وليس فيه أنه لا يكون في المستقبل .
الأنعام : ( 67 ) لكل نبإ مستقر . . . . .
( لّكُلّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ ( أي لكل أجل شيء ينبأ به يعني من أنبائه بأنهم يعذبون وإبعادهم به وقت استقرار وحصول لا بد منه . وقيل : لكل عمل جزاء وليس هذا بالظاهر . وقال السدي : استقر نبأ القرآن بما كان يعدهم من العذاب يوم بدر . وقال مقاتل : منه في الدنيا يوم بدر وفي الآخرة جهنم . ) وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ( مبالغة في التهديد والوعيد فيجوز أن يكون تهديد بعذاب الآخرة ، ويجوز أن يكون تهديداً بالحرب وأخذهم

الصفحة 156