كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 4)

" صفحة رقم 179 "
وَإِخْوانِهِمْ ( المجرور في موضع نصب . فقال الزمخشري : عطفاً على ) كَلاَّ ( بمعنى وفضلنا بعض آبائهم ، وقال ابن عطية : وهدينا ) مِنْ ءابَائِهِمْ وَذُرّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ ( جماعات فمن للتبعيض والمراد من آمن نبياً كان أو غير نبي ويدخل عيسى في ضمير قوله : ) وَمِنْ ءابَائِهِمْ ( ولهذا قال محمد بن كعب : الخال والخالة انتهى ، ( وَمِنْ ءابَائِهِمْ ( كآدم وإدريس ونوح وهود وصالح ) وَذُرّيَّاتِهِمْ ( كذرية نوح عليه السلام المؤمنين ) وَإِخْوانِهِمْ ( كإخوة يوسف ذكر الأصول والفروع والحواشي .
( وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِراطٍ مُّسْتَقِيمٍ ( الظاهر عطف ) وَاجْتَبَيْنَاهُمْ ( على ) فَضَّلْنَا ( أي اصطفيناهم وكرر الهداية على سبيل التوضيح للهداية السابقة ، وأنها هداية إلى طريق الحق المستقيم القويم الذي لا عوج فيه وهو توحيد الله تعالى وتنزيهه عن الشرك .
الأنعام : ( 88 ) ذلك هدى الله . . . . .
( ذالِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ( أي ذلك الهدى إلى الطريق المستقيم هو هدى الله ، وقال ابن عطية : ذلك إشارة إلى النعمة في قوله ) وَاجْتَبَيْنَاهُمْ ( انتهى ، وفي الآية دليل على أن الهدى بمشيئة الله تعالى .
( وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ( أي ) وَلَوْ أَشْرَكُواْ ( مع فضلهم وتقدّمهم وما رفع لهم من الدرجات لكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم كما قال تعالى : ) لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ( وفي قوله : ) وَلَوْ أَشْرَكُواْ ( دلالة على أن الهدى السابق هو التوحيد ونفي الشرك .
الأنعام : ( 89 ) أولئك الذين آتيناهم . . . . .
( أُوْلَائكَ الَّذِينَ ءاتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ( لما ذكر أنه تعالى فضلهم واجتباهم وهداهم ذكر ما فضلوا به ، والكتاب : جنس للكتب الإلهية كصحف إبراهيم والتوراة والزبور والإنجيل ، والحكم : الحكمة أو الحكم بين الخصوم أو ما شرعوه أو فهم الكتاب أو الفقه في دين الله أقوال ، وقال أبو عبد الله الرازي : ) الْكِتَابَ مِن ( هي رتبة العلم يحكمون بها على بواطن الناس وأرواحهم و ) لِحُكْمِ ( مرتبة نفوذ الحكم بحسب الظاهر و ) النُّبُوَّةَ ( المرتبة الثالثة وهي التي يتفرع على حصولها حصول المرتبتين فالحكام على الخلق ثلاث طوائف . انتهى ملخصاً .
( فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ ( الظاهر أن الضمير في ) بِهَا ( عائد إلى النبوة لأنها أقرب مذكور ، وقال الزمخشري : ) بِهَا ( بالكتاب والحكم والنبوة فجعل الضمير عائداً على الثلاثة وهو أيضاً له ظهور ، والإشارة بهؤلاء إلى كفار قريش وكل كافر في ذلك العصر ، قاله ابن عباس وقتادة والسدّي وغيرهم ، وقال الزمخشري : ) هَؤُلاء ( يعني أهل مكة انتهى وقال السدّي ، وقال الحسن : أمّة الرسول ومعنى ) وَكَّلْنَا ( أرصدنا للإيمان بها والتوكيل هنا استعارة للتوفيق للإيمان بها والقيام بحقوقها كما يوكل الرجل بالشيء ليقوم به ويتعهده ويحافظ عله ، والقوم الموكلون بها هنا هم الملائكة قاله أبو رجاء ، أو مؤمنوا أهل المدينة قاله ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي ، وقال الزمخشري : ) قَوْماً ( هم الأنبياء المذكورون ومن تابعهم بدليل قوله ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ( انتهى . وهو قول الحسن وقتادة أيضاً قالا : المراد بالقوم من تقدّم ذكره من الأنبياء والمؤمنين ، وقيل : الأنبياء الثمانية عشر المتقدم ذكرهم واختاره الزجاج وابن جرير لقوله بعد ) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ). وقيل : المهاجرون والأنصار ، وقيل : كل من آمن بالرسول ، وقال مجاهدهم الفرس والآية وإن كان قد فسر بها مخصوصون فمعناها عام في الكفرة والمؤمنين إلى يوم القيامة .
الأنعام : ( 90 ) أولئك الذين هدى . . . . .
( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ( الإشارة بأولئك إلى المشار إليهم بأولئك الأولى وهم الأنبياء السابق ذكرهم وأمره تعالى أن يقتدى بهداهم ، والهداية السابقة هي توحيد الله تعالى وتقديسه عن الشريك ، فالمعنى فبطريقتهم في الإيمان بالله تعالى وتوحيده وأصول الدين دون

الصفحة 179