كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 4)

" صفحة رقم 49 "
الشيء المأخوذ بل الذنب الذي استحقا به أن يكونا من الآثمين الذي تبرآ أن يكونا منهم في قولهما ) اللَّهِ إِنَّا إِذَاً لَّمِنَ الاْثِمِينَ ( ولو كان الإثم هو الشيء المأخوذ ما قيل فيه استحقا إثماً لأنهما ظلما وتعدّيا وذلك هو الموجب للإثم .
( فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الاْوْلَيَانِ ( قرأ الحرميان والعربيان والكسائي ) اسْتَحَقَّ ( مبنياً للفاعل ) والأوليان ( مثنى مرفوع تثنية الأولى ورويت هذه القراءة عن أبي وعليّ وابن عباس وعن ابن كثير في رواية قرة عنه ، وقرأ حمزة وأبو بكر ) الَّذِينَ اسْتَحَقَّ ( مبنياً للمفعول ) والأوليان ( جمع الأول ، وقرأ الحسن ) الَّذِينَ اسْتَحَقَّ ( مبنياً للفاعل الأولان مرفوع تثنية أول ، وقرأ ابن سيرين الأوليين تثنية الأولى فأما القراءة الأولى فقال الزمخشري ) فَآخَرَانِ ( فشاهدان آخران ) يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ ( عليهم أي من الذين استحق عليهم الإثم ، ومعناه وهم الذين جني عليهم وهم أهل الميت وعترته ، وفي قصة بدليل أنه لما ظهرت خيانة الرجلين حلف رجلين من ورثته أنه إناء صاحبهما وأن شهادتهما أحق من شهادتهما ، ( والأوليان ( الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما وارتفاعهما على هما لأوليان كأنه قيل ومن هما فقيل ) عَلَيْهِمُ الاْوْلَيَانِ ( ، وقيل هما بدل من الضمير في ) يِقُومَانُ ( أو من آخران ويجوز أن يرتفعا باستحق أي من الذين استحق عليهم ابتدأت الأوليين منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة الحال انتهى . وقد سبقه أبو عليّ إلى أن تخريج رفع ) الاْوْلَيَانِ ( على تقديرهما لأوليان ، وعلى البدل من ضمير ) يِقُومَانُ ( وزاد أبو عليّ وجهين آخرين ، أحدهما أن يكون ) الاْوْلَيَانِ ( مبتدأ ومؤخراً ، والخبر آخران يقومان مقامهما . كأنه في التقدير فالأوليان بأمر الميت آخران يقومان فيجيء الكلام كقولهم تميمي أنا والوجه الآخر أن يكون ) الاْوْلَيَانِ ( مسنداً إليه ) اسْتَحَقَّ ). قال أبو عليّ فيه شيء آخر وهو أن يكون ) الاْوْلَيَانِ ( صفة لآخران لأنه لما وصف خصص فوصف من أجل الاختصاص الذي صار له انتهى . وهذا الوجه ضعيف لاستلزامه هدم ما كادوا أن يجمعوا عليه من أن النكرة لا توصف بالمعرفة ولا العكس وعلى ما جوّزه أبو الحسن يكون إعراب قوله : ) فَآخَرَانِ ( مبتدأ والخبر ) يِقُومَانُ ( ويكون قد وصف بقوله من الذين أو يكون قد وصف بقوله ) يِقُومَانُ ( والخبر ) مِنَ الَّذِينَ ( ولا يضر الفصل بين الصفة والموصوف بالخبر أو يكونان صفتين لقوله : ) فَآخَرَانِ ( ويرتفع آخران على خبر مبتدإ محذوف أي فالشاهدان آخران ويجوز عند بعضهم أن يرتفع على الفاعل ، أي فليشهد آخران وأما مفعول ) اسْتَحَقَّ ( فتقدم تقدير الزمخشري أنه استحق عليهم الإثم ، ويعني أنه ضمير عائد على الإثم لأن الإثم محذوف ، لأنه لا يجوز حذف المفعول الذي لم يسم فاعله وقد سبقه أبو عليّ والحوفي إلى هذا التقدير وأجازوا وجهين آخرين أحدهما : أن كون التقدير استحق عليهم الإيصاء ، والثاني : أن يكون من الذين استحق عليهم الوصية وأما ما ذكره الزمخشري من ارتفاع قوله ) الاْوْلَيَانِ ( باستحق فقد أجازه أبو علي كما تقدم ثم منعه قال لأن المستحق إنما يكون الوصية أو شيئاً منها . وأما ) الاْوْلَيَانِ ( بالميت فلا يجوز أن يستحقا فيسند ) اسْتَحَقَّ ( إليهما إلا أن الزمخشري إنما رفع قوله الأوليان باستحق على تقدير حذف مضاف ناب عنه ) الاْوْلَيَانِ ( ، فقدره استحق عليهم انتداب الأولين منهم للشهادة لاطلاعهم على حقيقة الحال فيسوغ توجيهه ، وأجاز ذلك ابن جرير على أن يكون التقدير من الذين استحق عليهم إثم الأولين ، وأجاز ابن عطية أيضاً أن يرتفع ) الاْوْلَيَانِ ( باستحق وطول في تقرير ذلك وملخصه أنه حمل استحق هنا على الاستعارة بأنه ليس استحقاقاً حقيقة لقوله ) اسْتَحَقَّا إِثْماً ( وإنما معناه أنهم غلبوا على المال بحكم انفراد هذا الميت وعدمه لقرابته أو لأهل دينه فجعل تسورهم عليه استحقاقاً مجازاً والمعنى من

الصفحة 49